"أما الصفة التي ينسب إليها أهل الصفة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكانت في مؤخر مسجد النبي -صلعم- في شمال المسجد بالمدينة النبوية كان يأوى إليها من فقراء المسلمين من ليس له أهل ولا مكان يأوى إليه. ويكثر المهاجرون إلى المدينة من الأغنياء والفقراء والأهلين والعزاب فكان من لم يتيسر له مكان يأوى إليه يأوى إلى تلك الصفة التي في المسجد، ولم يكن جميع أهل الصفة يجتمعون في وقت واحد بل منهم من يتأهل أو ينتقل إلى مكان آخر يتيسر له ويجئ ناس بعد ناس وكانوا تارة يكثرون وتارة يقلون. فتارة يكونون عشرة أو أقل وتارة يكونون عشرين وثلاثين وأكثر وتارة يكونون ستين وسبعين. وأما جملة من أوى إلى الصفة من الصحابة مع تفرقهم فقد قيل كانوا نحو أربعمانة من الصحابة وقد قيل كانوا أكثر من ذلك". "وكان فقراء المسلمين من أهل الصفة وغيرهم يكتسبون عند إمكان الاكتساب الذي لا يصدهم عما هو أوجب وأحب إلى الله من الكسب. وأما إذا أحصروا في سبيل الله عن الكسب فكانوا يقدمون ما هو أقرب إلى الله ورسوله. وكان أهل الصفة ضيف الإسلام يبعث إليهم النبي -[صلى الله عليه وسلم]- بما يكون عنده وأن الغالب كان عليهم الحاجة لا يقوم ما يقدرون عليه من الكسب بما يحتاجون إليه من الرزق".