والفارسية. فجعل الجزء الأول خاصا بالأسر المالكة واعتمد فيه على الرواية المغولية اعتمادا كبيرا ثم ذيله بتأريخ ألجايتو. ويحوى الجزء الثاني إشارات في تأريخ الهند والصين وأوربة، وهو يتفق في هذا الشأن وذلك الفرع من التأريخ العربي الذي انصرف عنه الكتاب أمدا طويلا، ونعنى به الموسوعات. ويختلف عنه في أن مواده مستقاة من رواة معاصرين، ويماثله في أن تصور الكاتب لمؤلفه خير من حقيقة المؤلف نفسه؛ ومع ذلك فإن هذا لا ينقص من شأنه. ثم إن هذا الجزء قد اشتهر برصانة أسلوبه وتحريه للإسهاب أكثر من اشتهاره بالأخذ بأسباب الجمال. ولا يعنينا كثيرا أن يكون مرجع الفضل في هذا إلى رشيد الدين أو إلى عبد الله بن علي القاشانى. وإنما الذي يستوقف نظرنا هو إنه على الرغم من ذيوع صيت كتاب رشيد الدين في الخافقين فإنه قد ارتكس فجاة. ونبذ جميع الكتاب المنتمين إلى هذه المدرسة طريقته نبذا تاما، مع أنهم كانوا موضع رعايته. ولم يشذ عن ذلك سوى اثنين من أصحاب المختصرات هما بناكتى المتوفى عام ٧٣٠ هـ (١٣٢٩ - ١٣٣٠ م) وحمد الله مستوفى القزوينى المتوفى بعد عام ٧٥٠ هـ (١٣٤٩ م). وجل هؤلاء- بما فيهم القزوينى نفسه- قد استعاضوا عن ذلك بمحاولة التفوق على الفردوسى بتأليف تواريخ في صورة الملاحم الطويلة القائمة على ذلك الوزن الشعرى الذي انتهجه.
وليس هناك مؤلف هام آخر مما كتب بالنثر سوى ذلك التأريخ البليغ الأسلوب الذي صنفه عبد الله بن فضل الله المتوفى بعد عام ٧١٢ هـ (١٣١٢ م) والملقب بوصاف، وهو ينحو نحو النمط القديم المعروف بالتأريخ الرسمى (انظر فقرة ب، ٥). وقد أصبح هذا التأريخ عمدة، وكان من شأنه أن اغرى الأجيال اللاحقة من مؤرخى الفرس بالضرب في بيداء البلاغة.
وتعثر التأريخ في الفترة بين انحلال المدرسة المغولية وقيام تيمور. وكان هذا الفاتح يضم إلى حاشيته جماعة من الكتاب وقفهم على تدوين تأريخ حملاته وقراءة ما يكتبونه بين يديه. وعلى هذا النمط خلد ذكر حكمه بتأريخ