فرسخ (حوالى ٢.٥ كليو متر) أعلى الأنبار، وأقام فى وسطها قصرًا (البلاذرى، ص ٢٨٧؛ الدينورى، ص ٢٧٣؛ الطبرى، جـ ٣، ص ٨٠)؛ وتوفى أبو العباس هناك، وهناك دفن (اليعقوبي، جـ ١، ص ٤٣٤؛ البلاذرى، ص ٢٨٣ وانظر المقدسى: البدء والتاريخ، جـ ٤، ص ٩٧). وأقام المنصور فى هذه المدينة قبل أن يؤسس بغداد سنة ١٤٥ هـ (٧٦٢). وأقام الرشيد فى الأنبار مرتين (سنة ١٨٠ هـ = ٧٩٩ هـ, ١٨٧ هـ = ٨٠٣ م) وكان بعض سكانها من سلالة الخراسانية (الدينورى، ص ٣٨؛ اليعقوبى، جـ ١، ص ٥١٠؛ الطبرى، جـ ٣، ص ٦٧٨). ويمكننا أن نحكم من خراجها بأن الأنبار كانت لا تزال زاهرة فى العقود الأولى من القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادى؛ انظر ابن خرداذبه، ص ٨، ٤٢؛ قدامة، , ص ٢٣٧). ولما ضعفت الخلافة تعرضت الأنبار لغارات البدو، فقد هاجموا المدينة سنة ٢٦٩ هـ والطسّوج سنة ٢٨٦ هـ (الطبرى؛ جـ ٣، ص ٢٠٤٨, ٢١٨٩). وقد أدى استيلاء أبي طاهر القرمطى عليها وتخريبها سنة ٣١٥ هـ (٩٢٧ م) إلى سرعة اضمحلالها (المسعودى: التنبيه والإشراف، ص ٣٨٢). وفى سنة ٣١٩ هـ (٩٢٩ م) أحدث البدو بها تخريبًا كبيرًا (عريب، ص ١٥٨). ويصف الإصطخرى (ص ٧٣) المدينة بأنها بلدة متواضعة وإن كانت عامرة، وأن الناظر لا يزال يشاهد بها بقايا العمائر التى أقامها أبو العباس. ويقول ابن حوقل (ص ٢٧٧) إن الأنبار كانت تضمحل، ويروى المقدسى (ص ١٢٣) أن عدد سكانها كان قليلا. وكان معظم سكانها يشتغلون بالزراعة، ولكن المدينة كان لها بعض الأهمية التجارية لوقوعها على الطريقين البرى والنهرى الموصلين إلى الشَّام (اليعقوبى، ترجمة Wiet، ص ٢٥٠؛ ابن حوقل، ص ١٦٦؛ Strange Le فى Journ of the Royal As Soc، سنة ١٨٩٥، ١٤, ٧١؛ ابن خرداذبه، ص ١٥٤) كما كان بها بناة للسفن. وثمة حكايته أوردها ابن الساعي (٥٩٧ هـ = ١٢٠٠ م، ص ١٩ - ٢٠) تبين أن المدينة كانت مقسمة أحياء وكل حى مسؤول عنه "شيخ". وفى سنة ١٢٦٢ م نهب القائد المغولى