والآن وقد وصلنا إلى نهاية الكتاب نود أن نجمل منجزاته من خلال عرض أهم ما أشتمل، وما خرجنا به فيه.
لقد بدأ بدراسات ممهدة ضمناها فصلين قام الأول في اختيار أبي تمام لديوان الحماسة وصنيعه فيه، حيث وقفنا عند اهتمامه بالاختيارات الشعرية وإذاعتها في كتب مميزة تميز بها عن سائر الشعراء الذين سبقوه، وناقشنا الزمان والمكان اللذين صنع فيهما هذه الاختيارات فتعرضنا لروايتين في هذا الخصوص، الرواية التي تقول بأنه قد صنع خمسة اختيارات في دار آل سلمه عندما حصره الثلج بهمذان، والرواية التي تقول: بأنه قد صنع ثلاثة اختيارات فقط، وناقشنا آراء الباحثين في الرواية الأولى وانتهينا إلى ترجيح أن أبا تمام قد صنع بهمذان ثلاثة اختيارات هي: ديوان الحماسة، والوحشيات، واختيار شعراء الفحول. أما بقية الاختيارات الأخرى فقد رجحنا أنه ظل يواصل العمل فيها بعد رحيله من همذان متنقلًا من مكان لآخر حتى انتهى به المطاف في الموصل حيث كانت وفاته سنة ٢٣٢ هـ.
ثم انتقلنا بالدراسة إلى ديوان الحماسة حيث ناقشنا روايته ووصوله إلى أيدي العلماء الشراح، وانتهينا إلى أنه بجانب النسخة التي خلفها أبو تمام في دراسة آل سلمه بهمذان والتي حملت فيما بعد إلى علماء أصبهان، فإن ديوان الحماسة قد أخذ مشافهة عن أبي تمام، أخذه أبو المطرف الأنطاكي، وأنشده لكل من أبي رياش أحمد بن إبراهيم، والحسن بن بشر الآمدي. وعن طريق هذين العالمين أخذ العلماء ديوان الحماسة، وتواترت الرواية بين أجيالهم من هذه السبيل. ثم عرضنا بعد ذلك إلى طريقة أبي تمام في تصنيف أبواب هذا الاختبار، وانتهينا إلى أنها عشرة أبواب لا أحد عشر بابًا كما جاء في شرح المرزوقي المطبوع الذي وجدنا فيه باب الأضياف والمديح