الأخرى حتى إن الدارس ليبحث عن معنى النص في هذه المواضع فلا يجده لأن نزعة الشارح قد قصرت العمل فقط على النحو أحيانًا واللغة أحيانًا أخرى. وأما النزعة الثانية فقد جعلت عمله مختل المنهج من حيث إن منهجه يقوم على انتخاب عناصر شرح النصوص من الشروح التي أمامه وعرضها في صورة متكاملة منسقة متآزرة لا يطغى عنصر فيها على العناصر الأخرى، فكانت نزعته نحو شيخه أبي العلاء وتأثره الواضح به قد دفعت به في كثير من المواضع إلى الاستطراد المخل لا فيما قاله أبو العلاء في شرحه لنصوص الحماسة بل في استطرادته البعيدة عنها حين كان يتعرض إلى ما ذكره أبو رياش في شرحه من أشعار فيتصدى لها بالشرح والتوضيح من جهة لغوية وغير لغوية.
وأما أصحاب المنهج الاختصاري التسهيلي فلقد رأينا أحدهم، وهو صاحب الشرح المنسوب لأبي العلاء، ينزع إلى عمل ابن جني في التنبيه، فينقل منه حتى كاد يخرج بعمله عن الحد الذي رسمه لمنهجه، وهو منهج قائم، كما رأينا، على تقديم عناصر الشرح في اختصار وتسهيل، فكان نزوعه المتفاوت نحو ابن جني مؤديًا إلى خلل في مواضع من شرحه، وخارجًا بها عن الخط الذي ينبغي أن يسير فيه.
وهكذا نرى من خلال هذه الملاحظات التي كنا قد تعرضنا لها بالتفاصيل والشرح عند دراستنا لعمل كل شارح أن نزعات هؤلاء الشراح قد شكّلت ظاهرة عامة كان لها تأثيرها الواضح في عمّلية الشرح وهي نزعات وإن تباينت في الموازنة بين شارح وآخر، فإن النتيجة التي أدت إليها في عمليّة الشرح كانت واحدة هي قصور في الشرح أو خلل في المنهج.
وخاتمة القول في هذه الظواهر وما طرحناه فيها من قول أنها ظواهر رأيناها من خلال عملنا في هذه الشروح، جمعناها في هذا الفصل وعكسنا بالرأي وجهات نظرنا فيها، وهي وجهات نظر قد تكون مثار خلاف، إذ قد يقول قائل: إننا قد ركبنا في بعض آرائنا جواد الشطط حين حكّمنا على أعمال هؤلاء القدماء معايير في التحليل والشرح لم تجل في فكرهم في ذلك الزمن، وإنما هي نتاج ثقافي وأدبي ونقدي طرأ على الأعمال الأدبية في هذا العصر الحديث. ومن التعسف النظر إلى تقويم عمل قديم