بقصف القلاع والتحصينات دونما هوادة. ثم قامت قوات المسلمين بهجومها على (حصن القديسين) وتمكنت من احتلاله يوم (١٥) شباط - فبراير - بعد معركة حاسمة تم فيها تدمير جدران التحصينات. وأفادت قوات المسلمين من الموقع الجديد، فجعلته مربضا لمدفعيتها، وأخذت في توجيه القصف من هذا الموقع، ومن المواقع الأخرى، نحو تحصينات (المرسى الكبير) وقلاعه. وطلب (حسان خير الدين) إلى قائد حصن (القديس ميشال) الاستسلام فرفض ذلك. وعندها تولى (حسان) بنفسه قيادة مجموعة قتالية، وقام بالهجوم على الحصن، وتمكن من وضع السلالم مرتين على جدران الحصن، غير أنه أخفق في احتلاله. ودامت المعركة يوما كاملا، كان فيها الهجوم الجزائري عنيفا بمقدار ما كان الدفاع عنيدا، فلم يتم حسم الصراع، وتكبد الطرفان خسائر فادحة، غير أن خسائر المسلمين كانت أكبر بحيث فقد (حسان) خيرة ضباطه ونحوا من خمسمائة من مجاهديه. وفي هذه المعركة، افتقد (حسان) أسلحته الثقيلة، إذ أن العاصفة البحرية التي دمرت الأسطول الإسباني قد أعاقت في الوقت ذاته وصول الإمدادات والأسلحة الثقيلة إلى جيش الجزائر. وحاول (حسان) من جديد الإفادة من علاقته بابن الكونت د. الكوديت (دون مارتان)(١) وذلك لإقناعه بتسليم المدينة، غير أن قائد حامية المدينة اعتذر عن ذلك.
(١) يذكر هنا أن (دون مارتان) وقع أسيرا في معركة (مستغانم) التي قتل فيها أبوه أيضا، فقام (حسان) بتسليم جثة الكونت د. الكويت لابنه، وإطلاق سراحه حيث عاد إلى وهران وتسلم قيادة حاميتها. وعندما كتب إليه حسان خير الدين طالبا إليه تسليم المدينة أجابه بما يلي: (إنني مستعد لأن أفعل من أجلك كل شيء، وأطيع أوامرك مهما كانت، اعترافا، بجميلك علي، وتسليم جثة أبي إلي بعد أداء التحية العسكرية لها، أما أن أسلم إليك المدينة التي هي أمانة جلالة ملك إسبانيا في عنقي. فذلك أمر لا سبيل إليه). حرب الثلاثمائة سنة - أحمد توفيق المدني - ٣٨١.