الأول: أَنَّ غاية ما يفيده كلام الحاكم هذا إثبات معاصرة قتادة لابن سرجس، وإمكان لقائه وسماعه منه، وهذا يكفي في إثبات الاتصال عند مسلم وحده دون البخاري؛ لأن من شرطه ثبوت اللقاء كما هو معروف عنه، وحينئذ فالحديث على شرط مسلم فقط.
الثاني: أَنَّ الحاكم نفسه نفى أَنْ يكون سمع منه، .... فالسند هذا منقطع، وبه أعله ابن التركماني في "الجوهر النقي" فقال متعقبا على البيهقي: "قلت: روى ابن أبي حاتم عن حرب بن إسماعيل عن ابن حنبل قال: ما أعلم قتادة روى عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا عن أنس، قيل له: فابن سرجس؟ فكأنه لم يره سماعا".
ومما لا شك فيه أَنَّ أحمد رضي الله عنه لا يخفى عليه تعاصر قتادة مع ابن سرجس، فلو كان ذلك كافيًا لإثبات سماعه منه لم ينفه عنه، ولهذا فالقلب لا يطمئن للإثبات الذي أشار إليه الحاكم وحكاه الحافظ عن علي ابن المديني، والله أعلم.
الثالث: أَنَّ قتادة مدلس معروف التدليس ... ، غير أَنَّ ثبوت كونه مدلسًا في الجملة مع ما قيل من عدم صحة سماعه من عبد الله بن سرجس مما لا يجعل القلب يطمئن لاتصال السند، فيتوقف عن تصحيحه حتى نجد له طريقًا أخرى، والله أعلم" (الإرواء ١/ ٩٣).
* والحديث صححه أيضًا: ابن خزيمة وابن السكن - كما في (البدر المنير ٢/ ٣٢٣)، (التلخيص الحبير ١/ ١٨٧) -، والحاكم - كما تقدم -، والنووي في (الخلاصة ١/ ١٥٦) وفي (المجموع ٢/ ٨٥) وفي (الإيجاز ص ١٦٢)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه ١/ ١٩٧)، وابن كثير في (إرشاد