للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ، وَلَا عَصَبٍ))، فكان يقول: هذا الحديث صار ناسخًا لما سواه، ثم ترك القول به للاضطراب في إسناده، فإنه يُروى عن عبد الله بن عكيم، عن أشياخ لهم، وتأوله الآخرون -إِنْ ثبت- على الانتفاع به قبل الدباغ. قال النضر بن شميل: يُسمَّى إِهَابًا ما لم يُدبغ.

فأما ما لا يؤكل لحمه: فاختلفوا في طهارة جلده بالدباغ، فذهب جماعة إلى أنه لا يطهر بالدباغ جلد غير المأكول، يُروى ذلك عن عمر، وعبد الرحمن بن عوف، وهو قول الأوزاعي، وابن المبارك، وإسحاق، وأبي ثور، لما رُوِيَ عن أبي المليح: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ)) (١). وعن أبي ريحانة: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ رُكُوبِ النُّمُورِ)) (٢).

وذهب قوم: إلى أنه يطهر الكل بالدباغ، إِلَّا جلد الكلب والخنزير، وهو قول علي، وابن مسعود، وإليه ذهب الشافعي.

وذهب أصحاب الرأي: إلى أن جلد الكلب يطهر بالدباغ، وهؤلاء حملوا النهي في حديث أبي المليح على ما قبل الدباغ، وكذلك حديث أبي ريحانة، ولأن جلد النمر إنما يركب لشعره، والشعر لا يقبل الدباغ، أو إنما نهي عنه لما فيه من الزينة والخيلاء)) (شرح السنة ٢/ ٩٩ - ١٠٠)، وانظر: (معالم السنن ٤/ ٢٠٣)، و (السنن الكبرى للبيهقي ١/ ٢٣)،


(١) حسن بشواهده: وهذا مرسلٌ؛ فأبو المليح تابعي، وقد رُوِيَ موصولًا (عن أبي المليح عن أبيه)، ولكن رجح الترمذي وغيره الإرسال، وسيأتي تخريجه وتحقيقه في الباب التالي.
(٢) النهي عن ركوب النمور يحسن بمجموع طرقه وشواهده: وحديث أبي ريحانة أخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم، وسيأتي تخريجه وتحقيقه في الباب التالي.