للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فكيفَ وقد أسقطها الأوزاعيُّ نفسُه مشيرًا إليها فقط بقوله: ((أُنْبِئْتُ))، فلا عجبَ أن يرويه الوليدُ عنِ الأوزاعيِّ هكذا عن سعيدٍ، موصولًا في الظاهر، ثم إِنَّ الأوزاعيَّ لا يُعْرَفُ له لقاءٌ ولا سماعٌ من سعيد المقبريِّ، فَمَرَدُّ هذه الرواية إلى الوجهِ الأولِ وهو ظاهر.

وقد أَبعد جدًّا ابنُ حبان حينَ قالَ: ((يجوزُ أن يكون الأوزاعيُّ سمعه منِ ابنِ عَجْلانَ، عن سعيدٍ، ثم سمعه من سعيدٍ))! (إتحاف المهرة ١٥/ ٤٧١) (١). فلا هذا ولا ذاكَ يصحُّ عنِ الأوزاعيِّ.

الوجه الرابع:

رواه أبو داود: من طريق يحيى بن حمزة الحضرميِّ، عنِ الأوزاعيِّ، عن محمد بن الوليد -هو الزبيديُّ-، أخبرني أيضًا سعيد بن أبي سعيد، عن القعقاع بن حكيم، عن عائشة بمعناه.

وسيأتي الكلامُ على إسنادِهِ تحت حديث عائشة الآتي، وهذا الوجه -عندنا- وجهٌ مستقلٌ، وروايةٌ أُخرى للأوزاعيِّ غير روايته الأولى عن سعيد، ولا عجبَ في ذلك؛ فالأوزاعيُّ إمامٌ لا يمتنعُ أن يكون الحديثُ عنده على أكثرِ من وجهٍ، ومما يدلُّ على ذلك، بل يؤكده ما جاءَ في سياقِ السندِ وهو قوله: ((أخبرني أيضًا سعيد))، فكلمة ((أيضًا)) تشيرُ إلى أن هذا الحديثَ أحدُ حديثين أو عدة أحاديث أُخرى سمعها الزبيديُّ من سعيدٍ، والله أعلم.

خلاصةُ ما سبقَ: أن الراجحَ عنِ الأوزاعيِّ -في حديث أبي هريرة- ما رواه الثقاتُ عنه وهو الوجه الأول، وهو ضعيفٌ لانقطاعه.


(١) وهذا النصُّ ساقطٌ من المطبوع.