التَّطَوُّعَ- فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: سَأَلْتُمُونِي عَمَّا سَأَلْتُ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((الفَرِيضَةُ فِي المَسْجِدِ-أَوِ الْمَسَاجِدِ-، وَالتَّطَوُّعُ فِي البَيْتِ)).
ولكن هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: إبهام الرهط الذين حدَّثوا مُعَاوِيَةَ بنَ قُرَّةَ.
الثانية: زياد الراوي عن معاوية بن قرة، لم نجدْ فيه سوى قول ابن أبي حاتم:((زياد مولى لقريش، روى عن معاوية بن قرة، روى عنه أبو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، سمعتُ أبي يقولُ ذلك)) (الجرح والتعديل ٣/ ٥٥٤).
وقد ضَعَّفَهُ الشيخُ الألبانيُّ، فَقَالَ:((هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غير زياد، وهما (زيادان) في هذه الطبقة، وكلاهما بصري يروي عن معاوية بن قرة، لكنهم لم يذكروا في الرواة عن أي منهما (أبا خالد) هذا-وهو: سليمان بن حيان، شيخ عثمان، وهو: ابن أبي شيبة-ولذلك؛ لم أتمكن من الجزم بالمراد منهما، وهما:(زياد بن أبي الجصاص)، والآخر:(زياد بن مخراق)، وهذا ثقةٌ، وذاك ضعيفٌ، ولعلَّهُ هو صاحبُ هذا الحديث؛ لأنه هو الذي يليقُ به مثل هذا الحديث الغريب)) (الضعيفة ٦٥٢٧).
قلنا: والذي نَرَاهُ أنه غيرهما، على ما ترجمَ به ابنُ أبي حَاتمٍ، والله أعلم.
وخلاصةُ ما سبقَ: أن الحديثَ ضعيفٌ من جميعِ طرقه، وليس فيها ما يصلحُ للتقويةِ والاعتبار، والله أعلم.
وأما قولُ ابنِ كَثيرٍ -بعد ذكره لهذه الطرق-: ((فهذه شواهد تَدُلُّ على صحةِ هذا الحديثِ)) (مسند الفاروق ١/ ١٤٥)؛ ففيه نظر ظاهر، لما تَقَدَّمَ بيانُهُ.
وأما المتنُ، فلبعضِ فقراته شواهد؛ فصفةُ الغُسلِ صحيحةٌ بما سبقَ من شواهد،