وذكرَ ابنُ رَجبٍ: أن محمدَ بنَ كُنَاسَةَ، رواه عن هشامٍ بذكر (غسل الرجلين) أيضًا، وقال:((خرَّج حديثَه أبو بكر عبدُ العزيزِ بنُ جَعفرٍ في (كتاب الشافعي))).
قلنا: والصحيحُ عن محمدِ بنِ كُنَاسَةَ بدونها أيضًا، فقد رواه أبو عوانةَ في (مستخرجه ٩١٩)، وأبو نُعيمٍ في (المستخرج على صحيح مسلم ٧١١)، عن أبي بكرِ بنِ خَلَّادٍ، كلاهما (أبو عَوانةَ، وابنُ خَلَّادٍ): عنِ الحارثِ بنِ أبي أسامةَ، قال: حدثنا محمد بن كناسة، قال: حدثنا هشام بن عروة ... به، كرواية الجماعة، ليس فيها (غسل الرجلين).
وقال ابنُ حَجَرٍ-معلقًا على الروايةِ الأُولى لحديثِ عائشةَ-: ((وَاسْتُدِلَّ بهذا الحديثِ على استحبابِ إكمالِ الوضوء قبل الغسل، ولا يُؤَخِّرُ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ إِلَى فَرَاغِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهَا: ((كَمَا يَتَوَضَّأُ للصَّلَاةِ))، وهذا هو المحفوظُ في حديثِ عائشةَ من هذا الوجهِ. لكن رواه مسلمٌ من روايةِ أبي معاويةَ، عن هشامٍ، فقال في آخره:((ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ))، وهذه الزيادةُ تَفَرَّدَ بها أبو معاويةَ دون أصحابِ هِشَامٍ، قال البيهقيُّ: هي غريبةٌ صحيحةٌ. قلتُ: لكن في رواية أبي معاويةَ، عن هشامٍ؛ مقالٌ)) (الفتح ١/ ٣٦١).
وتمام قول البيهقي -الذي أشارَ إليه الحافظُ-: ((رواه مسلمٌ في (الصحيح)، عن يحيى بن يحيى، وقوله في آخر هذا الحديث:((ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ))؛ غريبٌ صحيحٌ، حفظه أبو معاويةَ دونَ غَيرِهِ من أصحابِ هشامٍ الثِّقاتِ، وذلك للتنظيف إن شاء الله تعالى)) (السنن الكبرى عقب رقم ٨٣٥).
قلنا: وفيه نظر؛ إذ إِنَّ أبا معاويةَ لا يتحمل التفرد بمثل هذه الزيادة عن هشامِ بنِ عروةَ، وهو متكلَّمٌ في روايته عنه، بل الأظهر أنها شاذَّةٌ من هذا