أولًا: قال ابنُ عبدِ البرِّ: ((وهذا الحديثُ في وصفِ الاغتسالِ من الجنابةِ من أحسنِ ما رُوي في ذلك، وفيه فرضٌ وسنةٌ:
فأمَّا السُّنَّةُ: فالوضوءُ قبل الاغتسال، وثبتَ ذلك عن النبيِّ عليه السلام من وجوهٍ كثيرةٍ من حديثِ عائشةَ، وحديثِ ميمونةَ، وغيرهما. فإن لم يَتَوضَّأْ المغتسلُ للجنابةِ قبلَ الغُسْلِ، ولكنه عَمَّ جَسَدَهُ، ورَأْسَهُ، ويديه، وجميعَ بدنه بالغسلِ بالماءِ، وأَسْبَغَ ذلك؛ فقد أدَّى ما عليه إذا قصدَ الغُسْلَ ونواه؛ لأن اللهَ تعالى إنما افْتَرَضَ على الجُنُبِ الغُسْلَ دون الوضوء بقولِهِ:{وَلَا جُنُبًا إلا عَابري سَبيل حَتى تَغتَسلُوا}[النسَاء: ٤٣]، وَقَولُهُ:{وَإن كُنتُم جُنُبًا فَاطهرُوا}[المَائدَة: ٦].
وهذا إجماعٌ منَ العُلماءِ لا خلافَ بينهم فيه، والحمدُ للهِ، إلَّا أَنَّهم مجمعونَ أيضًا على استحبابِ الوُضوءِ قبلَ الغُسْلِ للجُنُبِ، تَأَسيًا برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وفيه