للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قلنا: مع هذا الاختلافِ لا يطمئنُ المرءُ إلى ما تفرَّد به، لاسيما وقد روَى له ابنُ عَدِيٍّ حديثًا مِن طريقِ ابنِ وَهْبٍ عنه بمثل سند هذا الحديث، ثم قال: "وبهذا الإسنادِ خمسةٌ وعشرون حديثًا، عامَّتُها لا يتابَع عليها" (الكامل ٤/ ٢١٠).

وليس هو ممن يحتمل التفرُّد بهذا العددِ منَ الأحاديثِ دون بقيَّةِ أصحاب أبي عبد الرحمن.

وروَى له النَّسائيُّ مِن طريقِ ابنِ وَهْبٍ عنه بهذا الإسناد حديثًا في موتِ الرجلِ بغيرِ مولدِهِ، ثم قال: "حُيَيُّ بن عبد الله ليس ممن يُعتمَدُ عليه، وهذا الحديثُ عندنا غيرُ محفوظ، والله أعلم؛ لأن الصحيحَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَمُوتَ بِالمَدِينَةِ؛ فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ مَاتَ بِهَا)) (السنن الكبرى ٢١٦٣).

فهذا حُكْمٌ مِنَ النَّسائيِّ على حديثِهِ بالنَّكارةِ، وصنيعُه هذا يَرُدُّ قولَ مَن زعم أن رواياتِ ابن وَهْب عنه ليس فيها ما يُنكَر، وأنه ممن تلقَّى الأئمةُ أحاديثَهم بالقَبول! .

وأمَّا تحسينُ التِّرْمِذيِّ لحُيَيٍّ، فإنما حسَّن له حديثًا فيمَن فرَّق بين والدةٍ وولدِها (الجامع ١٢٨٣، ١٥٦٦)، وذلك الحديث له شواهدُ كثيرةٌ جدًّا، وقد أشارَ التِّرْمِذيُّ إلى أحدِها في الموضع الثاني.

وأخرجَ له ابنُ حِبَّانَ أحاديثَ قليلةً، منها: الحديثُ الذي حَكَمَ عليه النَّسائيُّ بالنكارةِ آنفًا، وهو أدرَى مِن ابنِ حِبَّانَ بهذا الفنِّ، ومنها حديثٌ آخَرُ حَكَمَ بنكارتِهِ الألبانيُّ في (الضعيفة ٥٨١٩)، وهو جديرٌ بذلك، والحَمْل فيهما على حُيَيٍّ، ولو تَتبَّع الناقدُ بَقيَّةَ أحاديثِه عنده، لربما وجَدَ غيرَ ذلك.