فالذي يظهرُ لنا أن أحدَ الرواةِ في الإسنادِ خلط بين كثيرِ بن أبي كثيرٍ مولى عبد الرحمن بن سَمُرةَ، وكثيرِ بن أبي كثيرٍ الذي يروي عنه هشامٌ، ومنَ القرائنِ على هذا التخليط أن كثيرًا المذكورَ في الإسنادِ وُصِف بأنه مولى سَمُرةَ، مع أن المعروفَ أنه مولى عبد الرحمن بن سَمُرة.
وعلى كلِّ الأحوالِ، سواءٌ كان هذا أو ذاك؛ فهو في حيِّز الجهالة.
العلة الثالثة: الإعلال بالوقف؛ فقد رواه يزيد بن هارونَ وعبدُ الوهاب بن عطاء، عن هشام بن حسَّان، عن كثير بن أبي كثير، عن ابن عباس، به موقوفًا، كما سيأتي.
وهذا أصحُّ من رواية زكريا، وجاء الحديث في الرواية الموقوفة بلفظ:((جِنَازَةُ كَافِرٍ)) بدل لفظةِ: ((الكَافِر))، والموقوفُ أصحُّ سندًا ومتْنًا، ويؤيِّدُه أنه جاءَ الحديثُ في شاهدِ عمَّارٍ الآتي بلفظ:((جِنَازَة الكَافِرِ)).
[تنبيه]:
قال الهَيْثَميُّ:"وعن عبد الرحمن بن سَمُرةَ ... " فذكر الحديثَ، ثم قال:"رواه الطَّبَراني في (الأوسط)، وفيه زكريا بن يحيى بن أيوبَ الضريرُ، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجالُ الصحيح، خلا كثير مولى عبد الرحمن بن سَمُرةَ، وهو ثقة"(المجمع ٨٧٥١).
قلنا: وفي هذا الكلام نظرٌ؛ حيث جعله من مسند عبد الرحمن بن سَمُرةَ، وكذلك صنع في (مجمع البحرين ٤٣٠٧)، وهو وهَمٌ.
وقصَر علةَ الحديث على عدم معرفته حالَ زكريا هذا، وقد بيَّنَّا لك مخالفتَه لغيره.