وقد رُويَتْ أحاديثُ أخرى -لا تخلو من مقال- في سدِّ الأبواب دون باب عليٍّ رضي الله عنه، فمِن العلماء مَن ردَّها؛ لضعْفِها ومخالفتِها لما ثبَت في (الصحيح)، كابنِ كَثير في (التفسير ١/ ٥٠٢)، وغيرِه، بل حَكَمَ عليها شيخُ الإسلامِ بالوضعِ والبطلانِ، فقال -ضِمْنَ كلامِه عن حديثِ ابنِ عباسٍ عند أحمدَ-: "قولُه: ((وسدَّ الأبوابَ كلَّها إلا بابَ عليٍّ))، فإن هذا مما وضعَتْه الشيعةُ على طريقِ المقابلةِ؛ فإن الذي في (الصحيح) عن أبي سعيد عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرضه الذي مات فيه: ((إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ. لَا يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا سُدَّتْ، إِلَّا خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ)) "(منهاج السنة النبوية ٥/ ٣٥).
وكذلك حَكَمَ عليها ابنُ الجَوْزي وغيرُه بالوضعِ كما سيأتي.
ولكن ذهبَ ابنُ حَجَرٍ إلى تقويةِ هذه الأحاديث، وجمَع بينها وبين حديث أبي بكر بنوع من التكلُّف. (الفتح ٧/ ١٥). ولم يُصِبِ الحافظُ في ذلك، والله أعلم.
وعلى أيةِ حالٍ؛ فالمخالفةُ من جَسْرةَ قائمةٌ؛ فليس في واحد من هذه الأحاديث المشارِ إليها تعليلُ الأمر بسد الأبواب بقوله صلى الله عليه وسلم:((فَإِنِّي لَا أُحِلُّ ... )) إلخ.
قال الألبانيُّ:"فهذا مما يُوهِن مِن شأن هذا الحديثِ عندي، وإن كنتُ لم أجدْ مَن صرَّح بذلك قبلي"(ضعيف سنن أبي داود ١/ ٨٨).
العلةُ الرابعةُ: اضطرابها في المتنِ والسندِ؛ فمرةً ذكرتْ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:((وَجِّهُوا هَذِهِ البُيُوتَ عَنِ المَسْجِدِ))، ولم تَستثنِ أحدًا، وفي رواية استثنَتِ