الدَّارَقُطْني وغيرُه؛ لاستقام كلامُ البَزَّارِ وسَلِمَ مِن تعقُّب ابن دقيق العيد وغيرِه عليه، والله أعلم.
وعليه؛ فإسنادُ هذا الحديثِ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه أربعُ عللٍ:
العلةُ الأُولى: ضعْفُ جَسْرةَ، وقد سبقَ بيانُه.
العلةُ الثانيةُ: التفرُّد؛ فقد تفرَّدتْ جَسْرةُ بهذا الحديثِ عن عائشةَ، وهي ممن لا يُحتمَل تفرُّدُها مع اعتبار الخلاف، فكيف والراجحُ مِن أمْرِها الضعْفُ؟
أمَّا ما ذكره بعضُ المصحِّحين من شواهدَ، فهي شواهدُ واهيةٌ، لا تصلُحُ للاعتبار، كما سيأتي بيانُه.
العلةُ الثالثةُ: المخالفةُ؛ فقد خولِفتْ جَسْرةُ في متنِ حديثِ عائشةَ، حيثُ ذَكرَتْ في بعض رواياته أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:((سُدُّوا هَذِهِ الأَبْوَابَ إِلَّا بَابَ عَلِيٍّ)) (التاريخ الكبير ١/ ٤٠٨).
وخالفها في ذلك عُروةُ بنُ الزُّبَير، وعَبَّادُ بنُ عبد الله، فرَوَياه عن عائشةَ رضي الله عنها، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، بلفظ:((سُدُّوا هَذِهِ الأَبْوَابَ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ))، ذكره البخاريُّ، وقال:"وهذا أصحُّ"(التاريخ الكبير ٢/ ٦٧، ٦٨)، وانظر:(التاريخ الكبير ١/ ٤٠٨).
فهذا منَ البخاريِّ رحمه الله إعلالٌ واضحٌ لحديثِ جَسْرةَ هذا؛ ولذا قال البَيْهَقيُّ عن حديثِها هذا:"ليس بالقوي؛ قال البخاريُّ:(عند جَسْرةَ عجائبُ)، وقد خالفها غيرُها عن عائشةَ في سدِّ الأبواب"(المعرفة ٣/ ٤٠٤ - ٤٠٥).
وجاء في (الصحيحين) من حديثِ أبي سعيدٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنه قال:((لَا يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ، إِلَّا بَابُ أَبِي بَكْرٍ))، وهذا هو المحفوظ.