أو يترتب على التورية ضرورةٌ أو مصلحة متعدية: كالتوريةِ لإنجاء معصومٍ، أو لإصلاحٍ بين متخاصمينِ، أو زوجينِ، أو في حال الحرب، ونحو ذلك؛ فيورِّي؛ فتنفعه التورية.
والدليل على ذلك: قوله تعالى حكايةً عن إبراهيم ﵇: ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ *فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ *فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ *﴾ [الصَّافات: ٨٨ - ٩٠]، وهذا توريةٌ من إبراهيم ﵇؛ إذ لم يكُنْ مريضًا حقيقةً؛ بدليل أنه كسَّر الأصنام بعد خروج قومه إلى عيدهم.
وقال أنسٌ ﵁:«أقبل النبيُّ ﷺ إلى المدينة وهو مُردِفٌ أبا بكر، وأبو بكر شيخٌ يُعرَفُ، ونبي الله شابٌّ لا يُعرَف، قال: ويتلقى الرجُلُ أبا بكر، فيقول: يا أبا بكرٍ، مَنْ هذا الرجل الذي بين يديك؟ فيقول: هذا الرجُلُ يَهدِيني السبيلَ، فيَحسَب الحاسبُ أنه إنما يعني الطريقَ؛ وإنما يعني سبيلَ الخير»؛ أخرجه البخاري، قال الشوكاني:(وفي هذا التعريض الواقعِ من أبي بكر غايةُ اللطافة).
القسم الثالث: إذا لم يكُنِ الحالف ظالمًا، ولا مظلومًا، ولم تترتب على التوريةِ ضرورةٌ أو مصلحة متعدِّية: فلا تجوز التوريةُ في اليمين؛ لحديث أبي هُرَيرة ﵁؛ أن النبيَّ ﷺ قال:«يمينُك على ما يصدِّقُك به صاحبُك».
مسألةٌ: إبرارُ القسم واجبٌ إذا لم يكُنْ ضرَرٌ؛ لِما رواه البخاري ومسلِم عن البراءِ بن عازب ﵁، قال:«أمَرَنا رسولُ الله ﷺ بسَبْعٍ: بعيادة المريض، واتِّباع الجنائز، وتشميت العاطس، وإبرار القسَم أو المقسِم، ونصرِ المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام».