ومع حرص المِزِّي على تتبع شيوخ الراوي والآخذين عنه إلا أنه قد فاته عدد منهم، ذكر طائفة منهم مغلطاي في كتابه الذي أكمل به كتاب المِزِّي، وهو "إكمال تهذيب الكمال".
وكان من المناسب جدا أن يقوم ابن حجر حين جمع بين هذين الكتابين واختصرهما في كتابه "تهذيب التهذيب" بإضافة ما يقف عليه من شيوخ الراوي والآخذين عنه، لاستكمال الفائدة، لكنه نحى منحىً آخر، دفعه إليه أمران، الأول: هاجس كثير من المؤلفين وهو خوف الاستدراك عليهم أو تعقبهم، ولا سيما في مثل هذا الأمر، حيث تفرقت الأسانيد وانتشرت، وأصبح حصر الشيوخ والتلاميذ متعذرا في المكثرين من الرواية، والثاني: قصره فائدة جمع الرواة عن الراوي في رفع الجهالة عنه، فحذف ابن حجر كثيرا من شيوخ المترجم له، والآخذين عنه، إلا في حالات خاصة، وأعاد ترتيبهم على طريقة أخرى غير الترتيب المعجمي (١).
فإذا أراد الباحث تمييز رواة إسناده بهذه الطريقة ابتدأ من أحد رواة الإسناد ممن هو واضح لا يشتبه بغيره، كالصحابي، أو شيخ المؤلف إن كان كذلك، أو راو من وسط الإسناد، ثم انطلق من الراوي الذي اختاره صعودا في تمييز من فوقه في الإسناد، ونزولا في تمييز من دونه في الإسناد، فكل حلقة من سلسلة الإسناد تساعد في الكشف عن الحلقة التي فوقها والتي دونها.
مثال ذلك ما تقدم في المبحث الأول في الحديث الذي أخرجه ابن