للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث، وعن أبي العالية الرياحي رِيَاح" (١)، يعني أن الصواب ما ذكره ابن الأثير: "كان مُجَالِد يُجْلَد".

وظاهر جدا أن ابن الأثير فزع إلى اللغة لتفسير كلمة الشافعي كما وصل إليه لفظها، دون النظر في قرائن الأحوال، فإذا صرفنا النظر عن البحث عن الصواب في لفظ الشافعي، إذ يحتمل أن يكون ما رواه ابن حبان هو الصواب، ووقوع التصحيف في العبارة كما هي عنده إلى ما ذكره ابن الأثير قريب جدا، إذا صرفنا النظر عن ذلك، وكان الوارد عن الشافعي هو لفظ ابن الأثير فقط، فحمله على أنه يرمي مُجَالِدا بالكذب فيه نظر كبير، فالظاهر أن الشافعي أراد أن يبين ضعف مُجَالِد باشتقاق كلمة من اسمه، فعل ذلك تفننا، دون النظر إلى معناها اللغوي الدقيق، وقد سئل الشافعي عن مُجَالِد فقال: "هو مُجَالِد" (٢)، وحال مجالدٍ عند بقية النقاد يبعد تفسير ابن الأثير لكلمة الشافعي، فلم ينقل عن أحد منهم تكذيبه لمجَالِد، وإنما ضعفوه فقط، وأنه كان يخطئ كثيرا، يرفع الموقوف ويصل المرسل، وكلمة يحيى القطان السابقة ليس المقصود بها الكذب المتعمد، وإنما المقصود بها الخطأ -وسيأتي توضيح هذا قريبا-، وأقوال يحيى القطان الأخرى فيه تدل على ذلك (٣).

ومن ذلك أيضا أن العراقي جعل قول أبي حاتم المتقدم في عدد من الرواة: "هو على يَدَيْ عَدْل" من ألفاظ التعديل، حملها على


(١) "المجروحين"٣: ١٠.
(٢) "الكامل"٦: ٢٤١٥ - ٢٤١٦.
(٣) "التاريخ الكبير"٨: ٨، و"الجرح والتعديل"٨: ٣٦١، و"الضعفاء الكبير"٤: ٢٣٢، و"الكامل"٦: ٢٤١٤، و"تهذيب الكمال"٢٧: ٢٢١، و"تهذيب التهذيب"١٠: ٣٩.

<<  <   >  >>