للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى راو آخر، أو نقل كلام ناقد إلى ناقد آخر- تجد الإشارة إلى ضرورة أن يأخذ الباحث حذره وهو ينقل عن كتب الأئمة المتقدمين، كالسؤالات، والعلل، فقد تصدى لتحقيق هذه الكتب عدد من الباحثين، واجتهدوا في تفسير بعض الرواة، أو بعض النقاد، وربما لم يصيبوا في اجتهادهم، وسيأتي ذكر نماذج لذلك في فصل (تمييز الرواة)، فموضوعنا هنا يندرج تحته في النهاية.

وبعض تلك الأوهام ظاهر لا يحتاج إلى عناء كبير لاكتشافه، وبعضها خفي يحتاج إلى تأمل، فقد كاد أحد الباحثين الفضلاء أن يوقعني في زلة، وذلك أنني قلدته في تفسيره لنص، والنص مشكل على هذا التفسير، فذهبت أعالج هذا الإشكال، ثم تبين لي أن هناك تفسيرا آخر أقرب من تفسير الباحث، وأن النص لا إشكال فيه، فقد نقل أحد تلامذة النقاد عن شيخه قوله: "أبو هؤلاء -يعني محمد بن أبي شيبة، وعثمان بن أبي شيبة- لا بأس به".

فذكر المحقق أن المقصود بمحمد هذا محمد بن إبراهيم بن عثمان، والد أبي بكر بن أبي شيبة، الحافظ، صاحب "المصنف"، وأما عثمان فهو ولده الآخر أخو أبي بكر، وهو أيضا حافظ له تصانيف، فيكون المراد بقول الناقد "لا بأس به" والد محمد بن إبراهيم بن عثمان أبا شيبة القاضي، وجد عثمان المذكور، وعلى هذا التفسير لا مناص من تغليط تلميذ الناقد، فإبراهيم هذا متروك الحديث لم يختلف فيه (١)، وقد رماه هذا الناقد بالكذب، فلا يحتمل أن يقول فيه: "لا بأس به".

واتضح لي أن هناك احتمالا آخر في تعيين المراد أظهر مما سبق،


(١) "تهذيب التهذيب"١: ١٤٤.

<<  <   >  >>