للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أحمد في محمد بن عبد الرحمن المخزومي المعروف بابن أبي ذئب: "كان ابن أبي ذئب ثقة صدوقا، أفضل من مالك بن أنس، إلا أن مالكا أشد تنقية للرجال منه، ابن أبي ذئب لا يبالي عمن حدث" (١).

وكذا قال الخليلي: "شيوخه شيوخ مالك، لكنه قد يروي عن الضعفاء" (٢).

وفي مقابله قول ابن معين: "كل من روى عنه ابن أبي ذئب ثقة، إلا أبا جابر البَيَاضي"، ونحوه لأحمد بن صالح (٣).

والخطب في مثل هذا يسير، فالاختلاف وارد؛ إذ الحكم مبني على الاستقراء، والاجتهاد في شيوخ الراوي ودرجة كل منهم، وهو يختلف من ناقد لآخر، فمتى وقع هذا فإن أمكن الجمع كأن يقال في الاختلاف في ابن أبي ذئب إن مراد أحمد، والخليلي، مقارنته بمالك، فمالك أشد تنقية للرجال منه، مع كونه هو أيضا ينتقي رجاله، وإن لم يمكن الجمع فالترجيح بوجه من الوجوه، مثل كون أحد المختلفين أجَلَّ وأمكن في هذا العلم.

وإن لم يمكن الترجيح، فهنا أصلان يعتمد عليهما، وكلاهما يقود إلى إعمال قول من يقول إن الراوي لا ينتقي شيوخه، أحدهما أن معه زيادة علم، فهو لا ينفي قول صاحبه، وإنما يزيد عليه، والثاني: ترك القولين جميعا، وافتراض أن الراوي لم يقل فيه أحد شيئا، وقد تقدم آنفا أن من هذا حاله فالأصل فيه أنه لا ينتقي، حتى يثبت ضده، والله


(١) "سؤالات أبي داود" ص ٢١٨.
(٢) "الإرشاد"١: ٢٨٥.
(٣) "تهذيب التهذيب"٩: ٣٠٤.

<<  <   >  >>