للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالإجابة: لا أدري كون الْإنْسَان يُسمِّي اسمًا ليتفاءلَ به، والرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا تُسَمِّ غُلَامَكَ يَسَارًا وَلَا نَجَاحًا" (١)، وأيضًا كونك إذا سَمَّيْتَ بأسماء رجالٍ صالحينَ يَكُون مثلهم هَذَا أبعد وأبعد إِلَّا إذا كَانَ عَلَى سبيل المحبَّة لهم، مثلما يفعل بعض النَّاس الْآنَ فيُسمّون بأسماء الزعماء الَّذِينَ يحبّون، وأيضًا لا يَكُونون مثلهم.

قوله: {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ} هَذَا جوابُ الرُّسُلِ، وهَذَا الجواب تجدونه أيضًا قد أجابَ به بنو إسرائيلَ مُوسَى، قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ} [لأعراف: ١٣١]، وكذلك أصحابُ القريةِ الثلاثة تَطَيَّروا بالرسُلِ الَّذِينَ أُرسلوا إليهم.

عَلَى كُلِّ حَالٍ: هَذَا جوابُ أهلِ الشرِّ، أَنَّهُم يجعلون الأَسْبَاب الَّتِي هِيَ من أفعالهِم ونتيجةً لأفعالهم يجعلونها بأَسْبابِ هَؤُلَاءِ المصلِحين. والحقيقة أَنَّهَا وقعتْ جزاءً عَلَى أفعالِ الكفَّار.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ} أي: تَشاءمنا {بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ} أي: المُؤْمِنيِنَ حَيْثُ قُحِطوا المطرَ وجَاعوا]، قُحِطوا بمعنى مُنِعوا المطرَ وجاعوا، ثُمَّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{قَالَ طَائِرُكُمْ} شُؤْمُكم {عِنْدَ اللَّهِ} أتاكم به {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ}].

قوله: {قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ} يعني: وَلَيْسَ منا، {طَائِرُكُمْ} بمعنى شُؤْمِكم، والمُرادُ ما أصابكم مما تَشَاءَمْتُم به - وَهُوَ القَحْطُ والجوع - عند الله وَلَيْسَ منِّي أنا، وإذا كَانَ عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى فهَذَا من أبلغِ الجوابِ، إذا كَانَ عند الله فإن اللهَ تَعَالَى


(١) رواه مسلم، كتاب الآداب، باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة وبنافع ونحوه، حديث رقم (٢١٣٦)، عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>