صفة بعد النكرة، وحالاً بعد المعرفة فقيل لا يخفى أنه لا يصح إيقاع فعل السماع على الذات إلا بإضمار أي سمعت كلامه وأن الأوفق بالمعنى فيما جعله حالاً أو وصفاً، أن يجعل بدلاً بتأويل الفعل بالمصدر على ما يراه بعض النحاة لكنه قليل في الاستعمال فلذا آثر الوصفية أو الحالية وإنما جعل البدلية أوفق لاًن توقف صحة المعنى عليه في بدل الاشتمال كسلب زيد ثوبه معروف في اللسان مطرد بخلاف الحال، وما قيل إنه لا يجوز بعده إلا المضارع غير صحيح لوقوع الظرف واسم الفاعل كما سمعته، وقول النحرير: لا يصح الخ مبني على مذهب الجمهور والا فعلى مذهب الأخفش لا يحتاج إلى تقدير وقول المصنف رحمه الله لدلالة وصفه بيان لما في الآية وإلا فهو يكون حالاً وظرفا، ووجه المبالغة جعل
الذات كأنها مسموعة فلذا لا يستعمل إلا فيما كان بدون واسطة. قوله:(وفي تنكير المنادى وإطلاقه الخ) يعني أنه قال أولاً منادياً فلم يذكر ما دعا له، ثم قال: ينادي للإيمان تعظيماً لشأن المنادي والمنادى له ولو قال: أولاً مناديا للإيمان لم يكن بهذه المثابة ولما كان النداء مخصوصاً بما نودي له ومنتهيا إليه تعدى، بالاعتبارين بهذين الحرفين وقوله: بأن آمنوا إشارة إلى أن أن مصدرية والفعل متعد إليه بالباء أي ينادي بأن آمنوا وقيل إنها تفسيرية، وقوله: فآمنا عطف على سمعنا والعطف بالفاء مؤذن بتعجيل القبول، وتسبب الإيمان عن السماع من غير مهلة والمعنى فآمنا بربنا قال النحرير: أن المصدرية وان دخلت على الماضي والمضارع والأمر لكن لا ينبغي، أن يجعل الكل بمعنى المصدر بل بمعنى حصحول الإيمان في الماضي أو المستقبل أو المطلوب وهو جواب عما قيل إنه إذا أوّل بالمصدر فات معنى الطلب وأخويه وهو المقصود، وهو حجة من ذهب إلى أنها تفسيرية وعلى التفسير فآمنوا تفسير لقوله: ينادي لأنّ نداءه عين قوله: آمنوا والتقدير ينادي للإيمان أي يقول آمنوا وليس تفسيراً للإيمان كما توهم وعلى ما اختاره المصنف من تقدير الجارّ هو متعلق بينادي لأنه المنادى به وليس بدلاً من الإيمان كما توهمه بعضهم، ولما أبى كثير من النحاة أن التفسيرية لما فيها من التكلف كما فصله في المغني تركه المصنف رحمه الله.
ووقع في نسخة حكاها بعض الحواشي أي آمنوا أو بأن آمنوا فيكون موافقا للزمخشري
في ذكر الوجهين. قوله: (ذنوبنا كبائرنا الخ (خولف بين معنييهما لأنه أفيد ولأنه تتميم للاستيعاب وأشار المصنف رحمه الله تعالى إلى أنه المناسب للغة لأنّ الذنب مأخوذ من الذنب بمعنى الذيل فاستعمل فيما يستوخم عاقبته لما يعقبه من الإثم العظيم، وكذلك سمي تبعة اعتباراً بما يتبعه من العقاب كما صرّح به الراغب، وأمّا السيثة فمن السوء وهو المستقبح ولذا تقابل بالحسنة فتكون أخف قال الطيبي: ولأنّ الغفران مختص! بفعل الله والتكفير قد يستعمل في العبد كما يقال كفر عن يمينه وهو يقتضي أنّ الثاني أخص من الأوّل وفي كلام المصنف ما يوضحه. قوله: (مخصوصين بصحبتهم معدودين الخ (الاختصاص من المعية لأنه لا مجال لكونها معية زمانية إذ منهم من مات قبل، ومن يموت بعد فهو كناية عن الانخراط في سلكهم والعدّ في زمرتهم ويلزمه أن لا يكونوا مع غيرهم، والأبرار جمع بر وأما كونه جمع باز فضعف
بأنّ فاعلا لا يجمع على أفعال حتى قيل إنّ أصحاب ليس جمع صاحب بل صحب أو صحب بالكسر مخفف من صاحب بحذف الألف وبعض أهل العربية أثبته وجعله نادرا ووجه الدلالة على محبة لقاء الله طلبه التوفي، واسناده إلى الله وقيل إن نكتة قوله: مع الأبرار دون أبرار التذلل وأنّ المراد لسنا بإبرار فأسلكنا معهم واجعلنا من أتباعهم، قال: في الكشف وفيه هضم للنفس وحسن أدب مع إدماج مبالغة لأنه من باب هو من العلماء، بدل عالم ولا يخلو من لطف وقوله:" من أحب لقاء الله " الحديث أخرجه الشيخان عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه. قوله:(أي ما وعدتنا على تصديق رسلك الخ) قدر التصديق للرّسل عليهم الصلاة والسلام لأنّ المراد بالمنادى الرّسول على الأرجح والإيمان التصديق لتعديته بالباء، فكأنه قيل إنا سمعنا رسولاً يدعو إلى التصديق فصدقناه فإذا كان ذلك فاتنا ما وعدتنا من الأجر على ذلك التصديق، وقوله: لا خوفا إشارة إلى أنّ ما وعده الله، واجب الوقوع لاستحالة الخلف في وعده تعالى فكيف طلبوا ما هو واقع لا محالة، وأجاب بأنّ وعد الله لهم ليس بحسب ذواتهم بل يحسب