للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنّ الآيات على كثرتها منحصرة في السماوية والأرضية، والمركبة منهما فأشار إلى الأوّلين بخلق السموات والأرض والى الحالثة باختلاف الليل والنهار لأنهما من دوران الشمس على الأرض ولما فرغ من آيات الربوبية بين العبودية، ولما كان العبد مركبا من النفس والبدن أشار إلى عبودية البدن بقوله:

{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا} الخ والى عبودية القلب والروح بقوله: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} وخصص التفكر بالخلق للنهي عن التفكر في الخالق لعدم الوصول إلى كنه ذاته وصفاته، ثمّ ذكر الدعاء بعده تعليما لأنّ الدعاء إنما يجدي بعد تقديم وسيلة وهي إقامة وظائف العبودية من الذكر والتفكر فانظر إلى هذا الترتيب ما أعجبه وهذا وجه آخرغير الذي ذكره المصنف رحمه الله ولعله أقرب منه فإن ذكره مبني على مذهب الحكماء في إثبات الصورة والهيولى والأوضاعه الفلكية المبينة في الهيئة.

قوله: (لدلائل واضحة الخ) ووجه الدلالة على وجود الصانع تغيرها المستلزم لحدوثها واستنادها إلى مؤثر قديم وإذا دلت على ذلك لزم منه الوحدة، ووجه الدلالة على ما بعده اتقان هذه المصنوعات المقتضى له ولكماللأ القدرة أيضاً ويكفي هذا القدر لمن كان على بصيرة من ربه، وقوله: العقول المجلوّة أخذه من التعبير باللب لأنّ معناه الخالص عن الشوائب وشوائب الحس والوهم وإغلاطه، وقوله: بتبدل صورها علمت ما فيه وقوله: (ويل لمن قرأها الخ) أخرجه أبن حبان عن عائشة رضي الله تعالى عنها. قوله: (يذكرونه دائماً على الحالات الخ) أخذ الدوام من ذكر هذه الأحوال لأنه يفهم منها الدوام عرفا كما لا يخفى، وقي أخذه من المضارع الدال على الاستمرار، وأشار بقوله على الحالات إلى أنّ الدوام ليس حقيقيا، ولذا قال الزمخشريّ في أغلب أحوالهم وقوله: قائمين يحتمل أنه إشارة إلى أنّ قياما جمع قائم وقعوداً جمع قاعد فإنهما ورد أجمعين كما صرحوا به ويجتمل أنها مصدران مؤوّلان بما ذكر وقوله: (ومضطجعين) تفسير لمعنى الجارّ والمجرور أو لمتعلقه الخاص وقوله:) من أحب الخ) حديث مخرّج صحيح. قوله: (وقيل معناه يصلون على الهيئات الثلاث الخ) وقوله: (فهو حجة) إن رجع الضمير إلى الحديث فظاهر وان رجع إلى القول به في الآية فكونه لا ينهض

حجة غني عن البيان وبسط المسألة في الفروع وعند أبي حنيفة رحمه الله يستلقي على ظهره ولك أن تقول إنه لما حصر أمر الذاكر في الثلاثة دل على أنّ غيرها ليس من هيئته والصلاة مشتملة على الذكر فلا ينبغي أن تكون على غيره فتأمل، ومقاديم جمع مقدم على خلاف القياس كما صرح به أهل اللغة، والحديث المذكور أخرجه البخاري وأصحاب السنن الأربعة وليس فيه ذكر الإيماء. قوله: (استدلالاً واعتبارا الخ (أي يكون تفكرهم فيها للاستدلال على الصانع وإنما كان التفكر أفضل العبادات لأنّ أجله معرفة الله ولأنه لا يدخله رياء وتصنع وقوله: الا عبادة كالتفكر الخ) أخرجه ابن حبان والبيهقي وضعفاه، وقوله: لأنه المخصوص بالقلب يعني أنه يقتضي الخلوص وهذا بيان لفضله في نفسه، وفضله باعتبار المتعلق ما مر وقوله:) بينما رجل الخ) أخرجه ابن حبان، ووجه دلالته على شرف أصول الدين أنّ غايته معرفته تعالى، وموضوعه نحو ذلك وشرف العلم بشرفه، وجملة ربنا مقول قول مقدر هو حال كما ذكره أو بتقدير يقولون على أنّ الذين مبتدأ وهذا خبره. قوله: (وهذا إشارة الخ) إشارة إلى تفسير اسم الإشارة وبيان لوجه إفراده وتذكيره فإذا كان إشارة إلى المتفكر فيه شمل اختلاف الليل والنهار وإذا كان إلى المخلوق من السموات والأرض استتبع ذلك أيضاً لأنه بطلوع الشمس وغروبها والعدول عن الضمير إلى اسم الإشارة للدلالة على أنها مخلوقات عجيبة يجب أن يعتني بكمال تمييزها استعظاماً لها كما ذكره في الكشاف، وفسر الباطل بالعبث وهو ما لا

فائدة فيه مطلقا، أو ما لا فائدة فيه يعتد بها أو ما لا يقصد به فائدة كما بين في أوّل شرح ابن الحاجب العضدي. قوله: (سبحانك) مصدر منصوب بفعل محذوف والجملة المعترضة يؤتى بها لتقوية الكلام وتأكيده كما صرّح به النحاة والمفسرون فلا وجه لما قيل فيه بحث لأنه مؤكد لنفي البعث عن خلقه. قوله: (وفائدة الفاء الخ الما دل قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>