للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منهم وكذا. الثاني لو نزل عليه ملك كان نبياً، وقوله: وافحام من الخ بإضافة الإفحام إلى من كما في أكثر النسخ وقد قيل عليه أنه عطف على قوله نبوّة ولا وجه له لأنّ الحجة لا تقوم على الإفحام بل بعده وفي بعض النسخ إفحامه بالإضافة إلى الضمير عطفاً على فصاحته ولا وجه له أيضاً لأن الباء في المعطوف عليه للسببية فالعطف عليه يقتضي أن يكون إفحامه لمن طلب معارضته سبباً لإعجازه، وليس كذلك بل الأمر بالعكس فالصحيح أن يقال وأفحمت بصيغة الفعل المعطوف على بذت وليس بشيء لمن له أدنى تدبر فإن دفعه على طرف الثمام. قوله: (وإنما قال مما نزلنا الخ) يعني لم يعبر بالأفعال بلى بائتفعيل المقيد للنزول لأنه من أسباب ريبهم وكذا قوله عبدنا لأنهم قالوا لما رأوا نزوله منجماً على عادة الشعراء والخطباء لو كان من عند الله جاء دفعة واحدة كغيره من الكتب الإلهية ولجاء به إلينا ملك بلا واسطة فردّ عليهم بأنه نجم لأجل المصالح والوقائع وليسهل حفظه له عليه الصلاة والسلام ولأمّته كما يدلّ عليه قراءة الجمع، وقد قيل إنّ المراد بالعباد الرسل لأنّ كتبهم نزلت بلغة قومهم فالريب في هذا ريب فيها وفيه نظر، فالمعنى إن كان ريبكم لهذا فأتوا بمقدار نجم منه وأنه أسهل ومن عجز عنه عجز عن غيره بالطريق الأولى ففي هذا

التعبير إشارة إلى منشاريبهم بتضمن ردّه على وجه أبلغ وإلى أنّ المنزل عليه أشرف المخلوقات من الملائكة وغيرهم لإنه أخص خلقه وأقربهم منزلة منه، وقوله نجما فنجما أي مفرّقاً ومرتباً لأنّ مثله من الحال يدل على الترتيب نحو علمته النحو بابا بابا وقد يقرن مثله بالفاء للتصريح بالمراد نحو ادخلوا الأول فالأوّل، والنجم اسم للكوكب ولما كانت العرب بوقت بطلوع النجوم لأنهم ما كانوا يعرفون الحساب وإنما يحفظون أوقات السنة بالأنواء سموا الوقت الذي يحل فيه الأداء نجماً تجوّزا ثم توسعوا حتى سموا الوظيفة لوقوعها في الوقت الذي يطلع فيه النجم واشتقوا منه فقالوا نجمت الشيء إذا وزعته وفرّقته ومنه ما نحن فيه، وما ذكره من أن فعل بالتضعيف يدلّ على التنجيم المعبر عنه بالتكثير كما ذكره الزمخشريّ وغيره مشهور وقد اعترض عليه بأنّ التضعيف الدال على ذلك شرطه أن يكون في الأفعالط المتعدية قبل التضعيف غالباً نحو فتحت الباب وقد يأتي في اللازم نحو موّتت الإبل والتضعيف الدال على الكثرة لا يجعل اللازم متعدّياً وما يفيده للنقل لا للتكثير، وقد جعلهما النحاة كما في المفصل وغيره معنيين متقابلين والاستعمال على خلافه كقوله تعالى {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ} جملة واحدة إذ لا وجه لذكر كونه جملة حينئذ وقوله: {لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ} [سورة الأنعام، الآية: ٣٧] فإن ادّعى أنه يستفاد من التقابل ونحوه كما قيل فلا قرينة هنا، وعندي أن هذا المعنى غير التكثير المذكور في النحو، وهو التدريج بمعنى الإتيان بالشيء قليلاً قليلا كما ذكروه في تسلل حيث فسروه بأنهم يتسللون قليلاً قليلاً من الجماعة قالوا ونظيره تدرّج وتدخل ونحوه رتبه أي أتى به رتبة رتبة وهو غير التكثير لإشعاره بخلافه وقد حصروه في هذه الأمثلة فهو مغاير لما في كتب العربية فلا يخالف ما هنا كلامهم فيه، كما توهموه وحينئذ تكون صيغة فعل بعد كونها للنقل دالة على هذا المعنى إما مجازا أو اشتراكا فلا يلزم اطراده فتدبر. قوله: (وأضاف العبد الخ) يعني أنّ إضافته لضمير الله الذي هو بصيغة العظمة تعظيماً له وتشريفا لقدر. لأنّ الإضافة تكون لتعظيم المضاف أو المضاف إليه أو غيره كما فصل في المعاني، والتنويه من قولهم نوّه به تنويهاً رفع ذكره وعظمه وفي حديث عمر رضي الله عنه: أنا أوّل من نوّه بالعرب أي رفع ذكرهم بالديوان والإعطاء. قوله: (والسورة الطائفة من القرآن الخ) الترجمة تكون بمعنى نقل الكلام من لغة إلى أخرى والناقل ترجمان وبمعنى مطلق التبليغ كما في قوله:

إن الثمانين وبلغتها قدأحوجت سمعي إلى ترجمان

وبمعنى التسمية وهو المراد هنا أي المسماة والملقبة باسم مخصوص كسورة الفاتحة أو مشترك كسورة الطلاق وحم والمراد تفسير سورة القرآن لأن أجزاء غيره من الكتب السماوية

تسمى سوراً أيضاً كسورة الأمثال في الإنجيل. قيل وبه خرج الآيات المتعددة من سورة واحدة أو سور متفرّقة وقد نقض هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>