بعلم القرآن والمصعد الذي يصعد إليه في معرفة علمه، وفسر في الغريب المطلع بموضع الإطلاع من أشراف نجد ويكون المصعد من أسفل إلى المكان المشرف فهو من الأضداد،
وقيل الظهر لفظ القرآن والبطن تأويله وقيل الظهر ما قص من القصص وبطنه ما في القصص من العظة فالحاصل أنّ الظهر ظاهر الكلام والبطن ما يخص به العلماء مما يحتاج للتأويل، والحد غاية ما ينتهي إليه من الظاهر، والباطن والمطلع الطريق الموصل للحد، وهذا مراد المصنف كما يشهد له سياقه. يعني أنه سبحانه لم يخاطبنا إلا بما يمكن فهمه إمّا للعامّة أو للخاصة الذين يطلعهم على الطريق الموصل للحدّ وفي عوارف المعارف للسهروردي هذا الحديث محرّض لكل طالب ذي همة على أن يصفي موارد الكلام ويفهم دقائقه وغوامض أسراره فإذا تجرّد عما سواه كان له في قراءة كل آية مطلع جديد، وفهم عتيد، ولكل فهم عمل جديد يجلب صفاء الفهم ودقة النظر في معاني الخطاب وعمل القلب غير عمل القالب وهونيات وتملقات روحانية ومسامرات سرّية فكلما أتوا بعمل اطلعوا على مطلع من فهم الآية جديد، وفهم عتيد وعندي أنّ المطلع أن يطلع عند كل آية على شهود المتكلم بها وبتجدّد له التجليات بتلاوة الآيات، وعن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال قد تجلى الله لعباده في كلامه ولكن لا يبصرون، وهذا مقام رفيع وقيل وراءه مقام آخر يسمى ما بعد المطلع وقد قيل إنّ لهذا الحديث أيضا ظهراً وبطناً ومطلعاً، وقد جاء في الحديث أن للقرآن ظهراً وبطناً ولبطنه بطنا إلى سبعة أبطن. وروي إلى سبعين بطنا كما في تفسير الفاتحة للفنارقي رحمه الله. قوله:(لما قرّر وحدانيته الخ) إشارة إلى أنّ هذه الجملة معطوفة على ما قبلها لما بينهما من المغايرة الظاهرة والمناسبة التامّة لأنّ توحيد الله وتصديق رسله تعالى عليهم الصلاة والسلام توأمان لا ينفك أحدهما عن الآخر، والتقرير جعل الشيء قارّاًك ص به عن الإثبات وصار حقيقة فيه ولم يذكر وجوب عبادته إمّا لجعله معطوفا على لا تجعلوا أو لاً نه مقدّم للوحدانية ولازم لها، والطريق الموصل هو النظر في الأمور الموجبة للعلم بذلك من الأنفس والافاق المشار إليها بالرب وصفاته وذكره على عقبه لما مرّ إشارة إلى أنّ التوحيد لا ينفع بدون الاعتراف بنبوّته عليه الصلاة والسلام وقيل إنه لما أوجب العبادة ونفى الشرك بإزالة الآيات والانقياد لها لام يمكن بدون التصديق بأنّ تلك الآيات من عند الله أرشدهم إلى ما يوجب هذا العلم وهذا أنسب بالسياق حيث لم يقل وان كنتم في ريب من نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم بل في ريب مما نزلنا ثم قال: إنّ الآية كما تزيل الريب تزيل الإنكار لكن خصر هذا إشارة إلى أنّ غاية ما يتوهم الريب دون الإنكار فإنه بمعزل عن التوهم
فلا يلتفت إلى إزاحته ولذا لم يقل إن كنتم مرتابين مبالغة فيه أي إن كنتم محاطين بالريب يندفع عنكم بهذا الطريق وليس بشيء لأنّ العدول عن جعل ما مرّ برهانا عقلياً مستقلاً إلى كونه برهانا سمعيا يأباه السياق لأنه لو أربد ذلك، قال اعبدوا الله ولا تشركوا به كما في غير هذه الآية الواردة بعد الإثبات لأنه يضيع حينئذ تفصيل الأدلة الأنفسية والآفاقية وتصير لغواً خالية عن اللطائف السابق تقريرها. قوله:(وهو القرآن المعجز بفصاحته الخ) إشارة إلى المذهب الحق في الإعجاز، وبذت بالذال المعجمة بعد باء موحدة وكذا بالزاي المعجمة بمعنى غلمث وقهر، ومنه المثل من " عزيز " والمنطيق بكسر الميم صيغة مبالغة من النطق وهو البليغ الكثير نطقه، والإفحام بالفاء والحاء المهملة إسكات الخصم بالحجة حتى يسودّ وجهه ويصير كالفحمة وأصله من فحم الضبي إذا بكى حتى انقطع صوته، والمضاذة مفاعلة من الضد بمعنى المعاندة، والمضارّة مفاعلة من الضرر والمعازة بالزاي المعجمة المغالبة والمعارّة بالراء المهملة المخاصمة من المعرّة وهي الفضيحة لأنه يحرص على تفضيح خصمه، والمصقع البليغ والعرب العرباء الخلص كما مرّ في أوائل الديباجة وفي كلامه تجنيس حسن ويعرف إعجازه ونفي الريب عنه بعدم قدرتهم وهم أفصح الناس على مضاهاته ومعارضته وهو يقتضي أنه ليس من كلام البشر، وأمّا احتمال أنه عليه الصلاة والسلام خلق أفصح الناس حتى لا يقدر على مثل كلامه أو أنه كلام ملك فغير ضارّ لعدم تسليم الأوّل ولذا لم يقله أحد