المؤمن من باب مستوى القامة عريض الأظفار فإنه كناية عن الإنسان لأن هاتين الصفتين عمدتا الإيمان لأنه وجميع ما يتوقف عليه إمّا ترك للمألوف غالباً، وهو بالصبر أو فعل وهو شكر لعمومه لفعل القلب والجوارح واللسان، ولذا جعلا نصف الإيمان في الأثر والمراد بالمؤمنين ما يشمل المشاوفين للإيمان وذكر الصبر والشكر بعد الفلك فيه أتم مناسبة لأنّ راكبه لا يخلو عنهما فتدبر. قوله:(يعرف النعم) بأنها من الله، ويتعرف أي يطلب معرفة مانحها أي من أعطاها ومنحها وهو الله، وقوله واذا غشيهم فيه التفات إن اتحد بالمخاطبين قبله والا فلا وكلام المصنف ناظر للثاني فلا وجه للجزم بالثاني، وقوله علاهم الخ يعني غشي من الغشاء بمعنى الغطاء من فوق لأنه المناسب هنا لا من الغشيان بمعنى إتيان، وقوله موح تنكيره للتعظيم والتكثير، ولذا أفرد مع جمع الظلل، وقوله من جبل أو سحاب بيان لما وأفردهما ولم يقل من جبال أو سحب لا لأنهما أسماء أجناس يفرق بينهما وبين واحدهما بالتاء كموح وموجة فهو في معنى الجمع لأن الجبل ليس كذلك بل لأن المراد جنس الجبل والسحاب، وهو لا يقتضي الوحدة فيكفي بيان جنس المشبه به، والظلة بالضم ما أظل، وقلة بالضم أعلى الجبل وظلال وقلال بكسر أوّلهما جمع فتأمّل. قوله: الزوال ما ينازع الفطرة) أي أصل الخلقة وما ذكر فيها من الإيمان بالله، ومن الهوى الخ بيان لما وبما متعلق بزوال ودهاهم بمعنى عرض بغتة لهم وأصابهم من الدواهي ومن الخوف بيان لما دهاهم. قوله:
(مقيم على الطريق القصد (أي المستقيم لأن أصل معنى القصد استقامة الطريق كما قاله الراغب نوصف به مبالغة والمقتصد سالكه المستمرّ فيه من غير عدول لغيره ولذا فسره بالمقيم الخ، وقوله الذي هو التوحيد تفسير للمراد مجازاً من الطريق المستقيم لأنه الموصل إلى الله تعالى فليس تفسيراً لإخلاص الدين كما توهم. قوله: (أو متوسط في الكفر الخ) تفسير آخر للمقتصد لأن الاقتصاد والقصد يكون بمعنى التوسط والاعتدال ومنه قوله تعالى: {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا}[سورة التوبة، الآية: ٤٢] أي متوسطاً كما قاله الراغب وقوله لانزجاره أي رجوعه وانكفافه تعليل لتوسطه بترك الغلو في الكفر. قوله:(فإنه نقض بالضاد المعجمة (أي إبطال لما كان في الفطرة وضمير أنه الجحد الآيات، وهذا توجيه لإطلاق الغدر وهو إبطال العهد على الكفر والفطرى بكسر الفاء نسبة إلى الفطرة، وقوله أو لما كان في البحر توجيه آخر له أي نقض لما عاهد الله عليه في البحر من الإخلاص له فهو مقابل للمقتصد بتفسيره الأوّل، وأمّا على الثاني فلا واختار مقابل لصبار لأن من غدر لم يصبر على العهد وكفور لشكور. قوله: (لا يقضي عنه) أي شيئاً كما سيأتي فهو من جزى بمعنى قضى، وأغنى بمعنى أفاد ودفع العذاب عته، وقوله والراجع أي على القراءتين فقوله لا يجزي فيه يجوز فيه فتح الياء وضمها. قوله:(عطف على والد) فهو فاعل، والجملة بعده صفة له واداً كان مبتدأ فالمسوّغ للابتداء بالنكرة تقدّم النفي فلا وجه لمنعه والجملة خبر فإن قلت على الأوّل يتناقض الكلام فإنه نفي عنه الجزاء ثم وصفه بأنه جاز قلت المنفي عنه الجزاء في الآخرة والمثبت له الجزاء في الدنيا فلا تناقض أو معنى هو جاز إن من شأنه الجزاء العظيم حق الأب أو المراد بلا يجزي لا يقبل منه ما هو جاز به، وشيئا مفعول به أو هو منصوب على المصدرية لأنه صفة مصدر محذوف وعلى الوجهين تنازعه يجزي وجاز لا وجه لتخصيصه بالثاني فتدبر. قوله:(وتغيير النظم) أي العدول عن الفعلية المذكورة فيما قبله إلى الاسمية التي هي آكد منها على الإعراب الثاني، وقوله للدلالة الخ يعني إنه لما كان ملقى لمن يعتقد أو يظن أنه ينفع والده أكده بالاسمية والضمير رداً لمعتقده لكنه قيل عليه إنه يتوقف على كون الخطاب للموجودين والصحيح أنه عام، ورد بأنه غير مسلم لأن خصوص السبب لا ينافي العموم وقوله أولى لأنه دون الوالد في الحنوّ والشفقة فلما كان أولى بهذا الحكم استحق التأكيد، وهذا وجه آخر غير ما في الكشاف وهو ما أشار إليه بقوله وقطع الخ وقد حققناه آنفا أو لأنّ عظم حق الوالد يقتضي جزاءه فلذا أكد نفيه لأنه محل الاحتمال والتردد، وقوله إن وقع في نسخة بأن لأنّ القطع بمعنى الجزم فهو
متعلق به عليهما، وما قيل من أنّ عمومه مخصوص بغير صبيان المسلمين لثبوت الأحاديث بشفاعتهم لوالديهم وعلى العطف لا حاجة