للملابسة بتقدير مضاف أي يتولاهم ملتبسا بجزاء أعمالهم أي يعد لهم الثواب، ويوم نحشرهم منصوب على الظرفية، والعامل فيه اذكر مقدّراً أو نقول أو كان ما لا يذكر لشناعته كما ارتضاه الزمخشري وقوله من إغوائهم يعني أنه بتقدير مضاف إذ لا معنى لاستكبارهم بحسب الظاهر أو هو عبارة عن جعلهم أتباعاً. قوله:(بأن دلوهم على الشهوات الخ) هذا محصل ما في الكشاف، ومعنى يعوذون أنّ الرجل منهم كان إذا نزل وادياً وخاف قال: أعوذ برب هذا الوادي يعني كبير جنه، ومعنى إجارتهم إنقاذهم كما ينقذ الجار جاره وأصل معناه المنع كما قال:
هم المانعون الجار حتى كأنهم لجارهم فوق السماكين منزل
وقوله:(وهو اعتراف الخ) يعني قوله: (ربنا استمتع) إلى هنا وإنما جعله للتحسر لعدم
فائدة الخبر ولازمها وهو ظاهر. قوله:(منزلكم الخ) يعني منوي إما اسم مكان أو مصدر فإذا كان مصدرأ فالحال من الضمير ظاهرة لأنه عامل فيه لأنه مضاف إلى فاعله، والحال لا يكون من المضاف إليه إلا إذا كان المضاف عاملاً أو جزأه أو كجزئه، وأما إذا كان اسم مكان فلا يكون عاملاً فلذا قدر العامل أي يبوّؤن فيها خالدين، وأما قول أبي البقاء، وتبعه المصنف رحمه الله إنّ العامل معنى الإضافة فقد رذوه بأنّ النسبة الإضافية لا تعمل ولا يصح أن تنصب الحال وسيأتي تفصيله. قوله: (١ لا الآوقات الخ الما كان الخطاب للكفرة، وهم لا يخرجون من النار لأنّ ما قبله بيان حالهم فيبعد جعله شاملا للعصاة ليصح الاستثناء باعتباره مع أن استعمال ما للعقلاء قليل وجهوه، بأن المراد النقل من النار إلى الزمهرير أو المبالغة في الخلود بمعنى أنه لا ينتفي إلا وقت مشيئة الله وهو مما لا يكون مع إبراز في صورة الخروج، وأطماعهم في ذلك تهكماً وتشديدا للأمر عليهم وما مصدرية وقتية ولخفاء هذا الوجه تركه المصنف رحمه الله تعالى، أو أن المستثنى زمان إمهالهم قبل الدخول ورذ الأوّل بأنّ فيه صرف النار من معناها العلمي، وهو دار العذاب إلى اللغوي، وأجيب عنه بأنه لا بأس بالصرف إذا ادعت إليه ضرورة، وقيل عليه إنّ المعترض لا يسلم الضرورة لا مكان غير ذلك التأويل مع أنّ قوله مثواكم يقتضي ما ذهب إليه المعترض بحسب الظاهر وردّ الأخير أبو حيان بأنه في الاستثناء يشترط اتحاد زمان المخرج والمخرج منه، فإن قلت قام القوم إلا زيدا فمعناه إلا زيدا ما قام ولا يصح أن يكون المعنى إلا زيدا ما يقوم في المستقبل، وكذلك سأضرب القوم إلا زيدا معناه إلا زيداً فإني لا أضربه في المستقبل ولا يصح أن يكون المعنى إلا زيدا فإني ما ضمربته قبل إلا إذا كان استثناء منقطعاً، فإنه يسوغ كقوله:{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى}[سورة الدخان، الآية: ٥٦] فإنهم ذاقوها ولك أن تقول أنّ القائل به يلتزم انقطاعه كما في الآية التي ذكرها ولا محذور فيه مع ورود مثله في القرآن وفيه نظر، وقيل إنه غفلة عن تأويل الخلود بالأبد والأبد لا يقتضي الدخول، وفي الآية تأويلات أخر منها ما نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه تعالى استثنى قوما قد سبق علمه أنهم يسلمون ويصدقون النبيّ-لمج! ، وهذا مبني على أنّ الاستثناء ليس من المحكيّ، وإنّ ما بمعنى من، ومنها أنهم يفتح لهم أبواب الجنة ويخرجون من النار فإذا توجهوا للدخول أغلقت في وجوههم إستهزاء بهم وهو معنى قوله:
{فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ}[سورة المطففين، الآية: ٣٤] قال الشريف: علم الهدى المرتضى في الدرر فإن قيل أفي فائدة في هذا الفعل وما وجه الحكمة فيه قلنا وجه الحكمة فيه ظاهر لأنّ ذلك أغلظ على نفوسهم وأعظم في مكروههم، وهو ضرب من العقاب الذي يستحقونه بأفعالهم القبيحة لأنّ من طمع في النجاة والإخلاص من المكروه واشتد حرصه
على ذلك ثم حيل بينه وبين الفرج وردّ إلى المكروه يكون عذابه أصعب وأغلظ من عذاب من لا طريق للطمع عليه، ومنها ما قال الزجاج: إن المعنى إلا ما شاء من زيادة العذاب ولم يبين وجه استقامة الاستثناء والمستثنى منه على هذا التأويل، قال في الانتصاف: ونحن نبينه فنقول العذاب على درجات متفاوتة فكان المراد أنهم مخلدون في جنس العذاب إلا ما شاء ربك من زيادة تبلغ الغاية وتنتهي إلى أقصى النهاية حتى تكاد لبلوغها الغاية ومباينتها الأنوأع العذاب في الشدة تعد خارجة عنه ليست من جنسه، والشيء إذا بلغ الغاية عندهم عبروا عنه بالضد كما يعبر عن كثرة