«صدوقٌ، له أوهام»، إلا أنَّ صاحبي التحرير قد تعقّبا الحافظ في وصفه هذا، فقالا:«بل صدوق حسن الحديث»، وبعد أنْ نقلا قول ابن عديٍّ فيه، قالا:«فقوله: له أوهام كأنَّه استفاده من قول ابن عدي، لكن ابن عدي بَيّنَ سبب هذه الأوهام وأنَّها من الضعفاء الذين روى عنهم» انتهى كلامهما.
قلت: ابن عدي كان شاكّاً في كون الوهم منه أو من الضعفاء، كما تقدم النقل عنه، ولم يجزم بكون الوهم من الضعفاء الذين روى عنهم، كما زعم صاحبا التحرير.
وقد روي الحديث من طريق آخر عن سفيان، إذ أخرجه: ابن عدي في " الكامل " ٣/ ٥٠٢ من طريق يوسف بن أسباط، عن سفيان الثوري، عن خارجة بن مصعب، عن زيد بن أسلم، عن عطاء، عن أبي سعيد مرفوعاً، فأقحم يوسفُ بنُ أسباط بين سفيان وزيد خارجةَ بنَ مصعب. فبذلك يكون الإسناد ضعيفاً؛ لضعف خارجة، قال عنه يحيى بن معين:«ليس بشيء»، وقال ابن نمير:«ليس بثقة»، وقال مرة:«ليس بشيء»، وقال أحمد بن حنبل:«لا يكتب حديثه»، وقال البخاريُّ:«تركه ابن المبارك ووكيع»، وقال أبو حاتم:«مضطرب الحديث، ليس بالقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به»، وقال النَّسائيُّ:«متروك الحديث»، وقال مرة:«ليس بثقة»، وقال أخرى:«ضعيف». كما جاء في " تهذيب التهذيب " ٣/ ٧١ (١٦٨٩).
ويوسف بن أسباط هذا قد وثّقه ابن معين، وقال البخاريُّ في " التاريخ الكبير " ٨/ ٢٦١ (٣٤١٤): «قال صدقة: دفنَ يوسفُ كتبَهُ، فكان بعد يقلب عليه فلا يجيء به كما ينبغي»، وقال أبو حاتم في " الجرح والتعديل " لابنه ٩/ ٢٦٨ (٩١٠): «كان رجلاً عابداً دفن كتبه، وهو يغلط كثيراً، وهو رجل صالح لا يحتج بحديثه»، وقال ابن عديٍّ في " الكامل " ٨/ ٤٨٩: «ويوسف هذا هو عندي من أهل الصدق، إلا أنَّه لما عدم كتبه كان يعمل على حفظه فيغلط ويشتبه عليه، ولا يتعمد الكذب»، وقال ابن حبان في "الثقات " ٧/ ٦٣٨: «مستقيم الحديث، ربما أخطأ».
قلت: وعلى حال يوسف وغلطه فإنَّ أحداً من أهل العلم لم يقدح في