ويكفي بهذا الحديث نكارة أن محمد بن عمرو خالف الزهري، فكما تقدم أن الزهري ﵀ روى هذا الحديث بخلاف ما رواه محمد، فمقتضى هذه المخالفة يشذ حديث محمد بالزيادة التي زادها في آخره. ويكون المحفوظ طريق الزهري، ولعل هذه الأسباب دفعت أصحاب السنن والصحاح إلى الإعراض عن تخريج الحديث بهذا اللفظ.
تبين الآن ضعف رواية حماد؛ لمخالفته الحفاظ.
بقي ممن الوهم؟ وفي ذلك ثلاث احتمالات:
الأول: حمل الوهم على كامل بن طلحة على اعتبار تفرده، ومثله لا يحتمل التفرد، فقد قال عنه يحيى بن معين فيما نقله عنه المزي في "تهذيب الكمال" ٦/ ١٤٩ (٥٥٥٢): «ليس بشيء»(١).
والثاني: وهم حماد بن سلمة فيه على اعتبار مخالفته لأصحاب محمد بن عمرو.
والثالث: وهم محمد بن عمرو فيه على اعتبار الكلام في روايته عن أبي سلمة خصوصاً، ولمخالفته الزهري في سياق متنه، على أن الذي يبدو لي أن الوهم من حماد؛ لأنَّ دليل وهمه أظهر من دليل وهم محمد بن عمرو، لذلك نستطيع حصر الوهم بين حماد وكامل، والأخير لم نجد له متابعاً لروايته عن حماد، والله أعلم.
وقد روي هذا الحديث باللفظ الأول من حديث أبي حميد الساعدي.
فأخرجه: ابن حبان (١٨٦٥) من طريق عمرو بن علي وهو الفلاس قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن عبد الحميد بن جعفر، قال: حدثني محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي حُميد، قال: سمعته في عشرة من أصحاب النبيِّ ﷺ، أحدهم أبو قتادة قال -: أي أبو حميد: - أنا أعلمُكم بصلاة رسولِ الله ﷺ، قالوا: ما كنتَ أقدَمنا له صُحبةً، ولا أكثرنا له تبعةً، قالَ: بلى، قالوا: فاعْرِضْ، قالَ: كانَ رسولُ الله ﷺ إذا قامَ إلى الصلاة استقبلَ