والإبطين، فثبت بذلك انتفاء ما روي عنه في حديث عبيد الله، عن أبيه أو ابن عباس ﵄، وثبت أحد القولين الآخرين»، وقال ابن عبد البر في " التمهيد " ٧/ ١٧٩: «ورواه يونس، وابن أبي ذئب، ومعمر، عن الزهري، عن عبيد الله، عن عمار ولم يقولوا، عن أبيه كما قال مالك، ولا قالوا عن ابن عباس كما قال صالح وابن إسحاق، وذكروا فيه ضربتين: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المناكب والآباط، وكذلك ذكر فيه معمر ضربتين»، وقال في ٧/ ١٨٠:«أكثر الآثار المرفوعة عن عمار في هذا الحديث إنَّما فيها ضربة واحدة للوجه واليدين وكل ما يروى في هذا الباب عن عمار فمضطرب مختلف فيه … ».
قلت: وعلّق ابن رجب ﵀ على هذا الحديث بكلام نفيس؛ ولنفاسته أنقله بكامله إذ قال في " فتح الباري " ٢/ ٢٥١ - ٢٥٣: «وقد روي عن عمار أنَّهم تيمموا مع النَّبيِّ ﷺ إلى المناكب والآباط من رواية الزهريِّ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن عمار، قال: نزلتْ رخصةُ التَّطهر بالصعيدِ الطيبِ فقام المسلمونَ معَ رسول الله ﷺ فضربوا بأيديهم الأرض، ثم رفعوا أيديهم ولم يقبضوا من الترابِ شيئاً، فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكبِ، ومن بطون أيديهم إلى الآباط. خرّجه: الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي. وقد اختلف في إسناده على الزهري، فقيل: عنه - كما ذكرنا- وقيل: عنه، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبيه، عن عمار. كذا رواه عنه مالك وابن عيينة وصحَّح قولهما: أبو زرعة وأبو حاتمٍ الرازيان. وقيل: عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عمار مرسلاً.
وهذا حديثٌ منكرٌ جداً لم يزل العلماء ينكرونه وقد أنكرهُ الزهريُّ راويه، وقال: هو لا يعتبر به الناس. ذكره الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما، وروي عن الزهريِّ أنَّه امتنع أنْ يحدث به، وقال: لم أسمعه إلا من عبيد الله، وروي عنه أنَّه قال: لا أدري ما هو؟ وروي عن مكحول أنَّه كان يغضب إذا حدث الزهري بهذا الحديث، وعن ابن عيينة أنَّه امتنع أنْ يحدث به، وقال: ليس العمل عليه، وسُئل الإمام أحمد عنه، فقال: ليس بشيء، وقال أيضاً: اختلفوا في إسناده، وكان الزهريُّ يهابه، وقال: ما أرى العمل عليه.