للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهنم، وكانت عاقبته هاوية لا يعلمها إلا خالقها. ولو كان للحديث من الأسانيد أعلاها وأقواها، لم يكن لذي لب تصحيحه لما حواه متنه من نكارة قوية، لم أستطع تجاوزها، وذلك أن حديثنا هذا قيد السنة بالقرآن، فإذا لم نجد للحديث دليلاً من الكتاب، أو إذا جاءنا حديث يوافق ظاهر القرآن أخذنا به، وإن لم يثبت سنده.

أقول: لو فُتح هذا الباب لأدخل المنافقون في كلام النبي من سجع كلامهم، بل لجعلوا من كلام شيوخهم كلاماً للنبي ، ولو صح هذا الحديث لكان المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي كريشة في فلاة أو كرمادٍ في مهب الريح، ولأصبحت الأحاديث يضاد بعضها بعضاً، ويوافق بعضها بعضاً تبعاً للأهواء، وإرضاءً للشهوات، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ولقد بلغنا من آثار الصحابة رضوان الله عليهم أنهم كانوا يتهيبون الحديث عن النبي فَرَقاً من دخولهم في حديث: «من كذب عليَّ متعمداً» فلو صح الحديث لما كان لذلك الهلع من الكذب على النبي داعٍ، فإن القوم يعبدون الله، يوم كان غيرهم يعبد الشمس والقمر والحجر والدواب. وكانوا يستطيعون الاعتماد على مثل هكذا أوابد ليتقولوا بلسان النبي من أجل دعوة الناس إلى الله. ولكنهم كانوا يعرفون أنهم إن زادوا كلمة واحدة على ما قاله تعمداً دخلوا في وعيد النبي ، وحاشاهم من هكذا صفات، والله أعلم.

وقد يأتي التصريح بسماع الراوي من شيخه، ثم يزاد بينهما راو في بعض الطرق، وبعد هذا يكشف البحث العلمي أن التصريح بالسماع غلط، وأنَّ ذكر الإسناد بزيادة الوساطة هو الصواب، ثم يكشف بعد ذلك الخلل أخطاء أخرى في السند، مثاله: روى سفيان بن عيينة، قال: حدثنا الزهري، عن عروة، عن عائشة: أنَّ رسول الله قالَ: «ما نفعَنا مالٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>