للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحته، وهؤلاء يظنون أنَّ كل حديث رواه ثقة فهو صحيح، ولا يفطنون لدقائق علم علل الحديث، ووافقهم طائفة من المحدّثين المتأخرين كالطحاوي، والحاكم، والبيهقي .. ».

قلت: لم أقف على تصحيح الطحاوي، وأما الحاكم فإنَّه أعله بالمعارضة - فيما وقفت عليه - وأما البيهقي فقد تقدم الكلام على تصحيحه.

قال ابن الملقن في " البدر المنير " ٢/ ٥٦٨ - ٥٦٩: «عنه جوابان أحدهما: الطعن فيه، قال أبو داود عن يزيد بن هارون: وهم السبيعي في هذا يعني في قوله: «ولا يمس ماء» وقال الترمذي: يرون أن هذا غلط منه، وقال سفيان الثوري: ذكرت هذا الحديث يوماً فقال لي إسماعيل: يا فتى، سند هذا الحديث سيئ، وقال أحمد: هذا الحديث ليس بصحيح. ثانيهما: تصحيحه مع تأويله، قال البيهقي: طعن الحفاظ في هذه اللفظة وتوهموها مأخوذة عن غير الأسود، وأن السبيعي دلس. قال البيهقي: وحديث السبيعي بهذه الزيادة صحيح من جهة الرواية؛ لأنه بَيَّنَ سماعه من الأسود، والمدلس إذا بيّن سماعه ممن روى عنه، وكان ثقة فلا وجه لرده، وقال ابن حزم في " محلاه": إنْ قيل: أخطأ فيه سفيان، لأن زهير بن معاوية خالف، قلنا: بل أخطأ بلا شك من خطّأ سفيان بالدعوى بلا دليل، وسفيان أحفظ من زهير بلا شك (١)، وتبعه الشيخ تقي الدين في " الإلمام " فقال: رجاله ثقات، وحينئذ ففيه تأويلان: أحدهما: أن المراد لا يمس ماء للغسل؛ ليجمع بينه وبين حديثها الآخر، وهذا ما رواه البيهقي عن ابن جريج واستحسنه. والثاني: أنه كان يترك الوضوء في بعض الأحيان لبيان الجواز، إذ لو واظب عليه لاعتقد وجوبه، وهو حسن أيضاً، ويؤيده ابن حبان في " صحيحه " (٢) عن ابن عمر: أنَّه سأل رسول الله أينام أحدنا وهو جنب؟ فقال: «نعم، ويتوضأ إنْ شاء»» انتهى كلام ابن الملقن.


(١) انتهى كلام ابن حزم وهو في " محلاه " ١/ ١٣٨.
(٢) (١٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>