للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتأخرين من الفقهاء الذين لا يعتبرون الأسانيد، ولا ينظرون الطرق يجمعون بينهما بالتأويل فيقولون: لا يمس ماءً للغسل، ولا يصح هذا، وفقهاء المحدّثين وحفّاظهم على ما أعلمتك، وأما الحديث الذي نسبه إلى رواية زهير، عن أبي إسحاق فقال فيه: «وإن نام جنباً توضأ»، وحكي أن قوماً ادعوا فيه الخطأ والاختصار، ثم صححه (١) هو فإنما عنى بذلك أحمد بن محمد الأزدي، فهو الذي رواه بهذا اللفظ، وهو الذي ادعى فيه الاختصار، وروايته خطأ ودعواه سهو وغفلة، ورواية زهير، عن أبي إسحاق كرواية الثوري وغيره، عن أبي إسحاق في هذا المعنى، وحديث زهير أتم سياقة، وقد روى مسلم (٢) الحديث بكماله في كتاب الصلاة وقال فيه: «وإن لم يكن جنباً توضأ للصلاة» وأسقط منه وهم أبي إسحاق وهو قوله: «ثم ينام قبل أن يمس ماء» فأخطأ فيه بعض النقلة فقال: «وإن نام جنبا توضأ للصلاة» فعمد ابن حزم إلى هذا الخطأ الحادث على زهير فصححه، وقد كان صحح خطأ أبي إسحاق القديم فصحح خطأين متضادين وجمع بين غلطين متنافرين».

وقال ابن رجب في "فتح الباري " ١/ ٣٦٢: «ويرون أنَّ هذا من غلط أبي إسحاق»، وقال أيضاً: «وهذا الحديث مما اتفق أئمة الحديث من السَّلف على إنكاره على أبي إسحاق، منهم: إسماعيل بن أبي خالد، وشعبة، ويزيد بن هارون، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، ومسلم بن الحجاج، وأبو بكر الأثرم، والجوزجاني، والترمذي، والدارقطني (٣)».

ونقل عن أحمد بن صالح المصري أنَّه قال: «لا يحل أن يروى هذا الحديث»، وقال عقبه: «يعني: أنه خطأ مقطوع به، فلا تحل روايته من دون بيان علته».

وقال أيضاً: «وأما الفقهاء المتأخرون فكثير منهم نظر إلى ثقة رجاله فظن


(١) في المطبوع: «صحيحه» بزيادة الياء، وهو خطأ.
(٢) في الصحيح ٢/ ١٦٧ (٧٣٩) (١٢٩).
(٣) بل صححه كما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>