للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله- تعالى: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ [ (١) ] ، وقيل: وجدك لم يعرفك أحد بالنّبوّة حتى أظهرك، فهدى بك السعداء ولا أعلم أحدا من المفسرين قال فيها: ضالا عن الإيمان وكذلك في قصة موسى- عليه السلام قوله تعالى: فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ [ (٢) ] ، أي من المخطئين الفاعلين شيئا بغير قصد، قاله ابن عرفة.

قال الأزهري: معناه من الناسبين، وقد قيل في قوله: وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى [ (٣) ] ، أي ناسيا، كما قال- تعالى: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما [ (٤) ] ، وقال عطية وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى [ (٥) ] ، أي على غير طريق هذا الدين الّذي بعثت به، ولم يكن صلّى اللَّه عليه وسلّم في ضلال الكفار ولا في غفلتهم، لأنه لم يشرك قط، وإنما كان مستهديا ربه- عز وجل- موحدا والسائل عن الطريق المتحير يقع عليه في اللغة اسم ضال وقال الطوفي: وقيل: لما نشأ بين قوم كفار نعقد له سبب الضلال، فلولا أن أنقذه اللَّه- تعالى- من ملتهم بهداه وبوحيه لضل، فسمى انعقاد سبب الضلال ضلالا على المجاز، كما يقال: وجدت فلانا غريقا فأنقذته، أو قتيلا بين أعدائه فأحييته ونحوه إذا انعقد له سبب ذلك.

وفي هذه الآية عشرين قولا، هذا أقربها إلى التحقيق وإليه يرجع قوله ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ [ (٦) ] .

قال القاضي عياض: فإن قلت: ما معنى قوله- تعالى: ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ [ (٧) ] ، فالجواب أن السمرقندي قال: معناه ما كنت تدري قبل الوحي أن تقرأ القرآن ولا كيف تدعو الخلق إلى الايمان، قال أبو بكر


[ (١) ] النحل ٤٤.
[ (٢) ] الشعراء: ٢٠.
[ (٣) ] الضحى: ٧.
[ (٤) ] البقرة: ٢٨٢.
[ (٥) ] الضحى: ٧.
[ (٦) ] الشورى: ٥٢.
[ (٧) ] الشورى: ٥٢.