وقال بعض أهل العلم: إذا أكل من هدى التطوع شيئا، فقد ضمن الّذي أكل. وأخرجه مسلم في كتاب الحج من (الصحيح) ، باب (٦٦) ما يفعل بالهدى إذا عطب بالطريق، حديث رقم (١٣٢٥) . وفيه فوائد، منها: أنه إذا عطب الهدى وجب ذبحه وتخليته للمساكين، ويحرم الأكل منها عليه، وعلى رفقته الذين معه في الركب، سواء كان الرفيق مخالطا له أو في جملة الناس من غير مخالطة، والسبب في نهيهم قطع الذريعة لئلا يتوصل بعض الناس إلى نحره أو تعييبه قبل أوانه. واختلف العلماء في الأكل من الهدى إذا عطب فنحره، فقال الشافعيّ: إن كان هدى تطوع له أن يفعل فيه ما شاء من بيع وذبح وأكل وإطعام وغير ذلك، وله تركه ولا شيء عليه في ذلك لأنه ملكه. وإن كان هديا منذورا لزمه ذبحه، فإن تركه حتى هلك لزمه ضمانه، كما لو فرّط في حفظ الوديعة حتى تلفت. فإذا ذبحه غمس نعله التي قلده إياها في دمه، وضرب بها صفحه سنامه، وتركه موضعه، ليعلم من مرّ به أنه هدى فيأكله. ولا يجوز للمهدي ولا لسائق هذا الهدى وقائده الأكل منه، ولا يجوز للأغنياء الأكل منه مطلقا، لأن الهدى مستحق للمساكين، فلا يجوز لغيرهم، ويجوز للفقراء من غير أهل هذه الرفقة. وفي المراد بالرفقة وجهان، بسط القول فيهما في (مسلم بشرح النووي) : ٩/ ٨٥. وأخرجه ابن ماجة في (السنن) : ٢/ ١٠٣٦، كتاب المناسك، باب (١٠١) في الهدى إذا عطب، حديث رقم (٣١٠٥) .