للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إيّانَا تُرِيدُ أَمْ قَوْمَك؟ قَالَ: "كُلّا"، قَالُوا: فَإِنّك تَتْلُو فِيمَا جَاءَك: أَنّا قَدْ أُوتِينَا التّوْرَاةَ فِيهَا بَيَانُ كُلّ شَيْءٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنّهَا فِي عِلْمِ اللهِ قَلِيلٌ، وَعِنْدَكُمْ فِي ذَلِكَ مَا

ــ

[السّجْدَةِ ١١] وَالْفِعْلُ مُضَافٌ إلَى الْمَلَكِ مَجَازًا، وَإِلَى الرّبّ حَقِيقَةً فَهُوَ أَيْضًا جِسْمٌ وَلَكِنّهُ مِنْ جِنْسِ الرّيحِ وَلِذَلِكَ سُمّيَ رُوحًا مِنْ لَفْظِ الرّيحِ وَنَفْخُ الْمَلَكِ فِي مَعْنَى الرّيحِ غَيْرَ أَنّهُ ضُمّ أَوّلُهُ لِأَنّهُ نُورَانِيّ، وَالرّيحُ هَوَاءٌ مُتَحَرّكٌ وَإِذَا كَانَ الشّرْعُ قَدْ عَرَفْنَا مِنْ مَعَانِي الرّوحِ وَصِفَاتِهِ بِهَذَا الْقَدْرِ فَقَدْ عَرَفَ مِنْ جِهَةِ أَمْرِهِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ {قُلِ الرّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الاسراء:٨٥] وَقَوْلُهُ مِنْ أَمْرِ رَبّي أَيْضًا، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ أَمْرِ اللهِ وَلَا مِنْ أَمْرِ رَبّكُمْ يَدُلّ عَلَى خُصُوصٍ وَعَلَى مَا قَدّمْنَاهُ مِنْ أَنّهُ لَا يَعْلَمُهُ إلّا مَنْ أَخَذَ مَعْنَاهُ مِنْ قَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَقَوْلِ رَسُولِهِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاَللهِ وَرَسُولِهِ وَالْيَقِينِ الصّادِقِ وَالْفِقْهِ فِي الدّينِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يُخْبِرْ الْيَهُودَ حِينَ سَأَلُوهُ عَنْهُ فَقَدْ أَحَالَهُمْ عَلَى مَوْضِعِ الْعِلْمِ بِهِ.

الْفَرْقُ بَيْنَ الرّوحِ وَالنّفْسِ:

فَصْلٌ: وَمِمّا يَتّصِلُ بِمَعْنَى الرّوحِ وَحَقِيقَتِهِ أَنْ تَعْرِفَ هَلْ هِيَ النّفْسُ أَوْ غَيْرُهَا، وَقَدْ كَثُرَتْ فِي ذَلِكَ الْأَقْوَالُ وَاضْطَرَبَتْ الْمَذَاهِبُ فَتَعَلّقَ قَوْمٌ بِظَوَاهِرَ مِنْ الْأَحَادِيثِ لَا تُوجِبُ الْقَطْعَ لِأَنّهَا نَقْلُ آحَادٍ وَأَيْضًا فَإِنّ أَلْفَاظَهَا مُحْتَمِلَةٌ لِلتّأْوِيلِ وَمَجَازَاتُ الْعُرْفِ وَاتّسَاعَاتُهَا فِي الْكَلَامِ كَثِيرَةٌ فَمِمّا تَعَلّقُوا بِهِ فِي أَنّ الرّوحَ هِيَ النّفْسُ قَوْلُ بِلَالٍ أَخَذَ بِنَفْسِي الّذِي أَخَذَ بِنَفْسِك مَعَ قَوْلِ النّبِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ "إنّ اللهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا"، وَقَوْلِهِ - عَزّ وَجَلّ – {اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ} [الزمر:٤٢] وَالْمَقْبُوضَةُ هِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>