للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَيْ سَيَقُولُونَ ذَلِكَ وَهُوَ أَحَدُ التّأْوِيلَاتِ فِيهَا. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَرَأَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَقَالُوا: لَبِثُوا، بِزِيَادَةِ قَالُوا. ثُمّ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: قُلْ رَبّي أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا، وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ الْمُؤَلّفِ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنّمَا التّلَاوَةُ {قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا} [الْكَهْف: ٢٦] وَقَدْ قِيلَ إنّهُ إخْبَارٌ مِنْ اللهِ تَعَالَى عَنْ مِقْدَارِ لُبْثِهِمْ وَلَكِنْ لَمّا عَلِمَ اسْتِبْعَادَ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْكُفّارِ لِهَذَا الْمِقْدَارِ وَعَلِمَ أَنّ فِيهِ تَنَازُعًا بَيْنَ النّاسِ فَمِنْ ثَمّ قَالَ {قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا} وَقَوْلِهِ {ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً} [الْكَهْف: ٢٥] أَيْ إنّهَا ثَلَاثُمِائَةٍ بِحِسَابِ الْعَجَمِ، وَإِنْ حُسِبَتْ الْأَهِلّةُ فَقَدْ زَادَ الْعَدَدُ تِسْعًا، لِأَنّ ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ بِحِسَابِ الشّمْسِ تَزِيدُ تِسْعَ سِنِينَ بِحِسَابِ الْقَمَرِ فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ قَالَ ثَلَاثِمِائَةٍ سِنِينَ وَلَمْ يَقُلْ سَنَةً وَهُوَ قِيَاسُ الْعَدَدِ فِي الْعَرَبِيّةِ لِأَنّ الْمِائَةَ تُضَافُ إلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ فَالْجَوَابُ أَنّ سِنِينَ فِي الْآيَةِ بَدَلٌ مِمّا قَبْلَهُ لَيْسَ عَلَى حَدّ الْإِضَافَةِ وَلَا التّمْيِيزِ وَلِحِكْمَةِ عَظِيمَةٍ عُدِلَ بِاللّفْظِ عَنْ الْإِضَافَةِ إلَى الْبَدَلِ وَذَلِكَ أَنّهُ لَوْ قَالَ ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ لَكَانَ الْكَلَامُ كَأَنّهُ جَوَابٌ لِطَائِفَةِ وَاحِدَةٍ مِنْ النّاسِ وَالنّاسُ فِيهِمْ طَائِفَتَانِ طَائِفَةٌ عَرَفُوا طُولَ لُبْثِهِمْ وَلَمْ يَعْلَمُوا كَمّيّةَ السّنِينَ فَعَرّفَهُمْ أَنّهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَطَائِفَةٌ لَمْ يَعْرِفُوا طُولَ لُبْثِهِمْ وَلَا شَيْئًا مِنْ خَبَرِهِمْ فَلَمّا قَالَ ثَلَاثَمِائَةِ مُعَرّفًا لِلْأَوّلِينَ بِالْكَمّيّةِ الّتِي شَكّوا فِيهَا، مُبَيّنًا لِلْآخَرِينَ أَنّ هَذِهِ الثّلَاثَمِائَةِ سُنُونَ وَلَيْسَتْ أَيّامًا وَلَا شُهُورًا، فَانْتَظَمَ الْبَيَانُ لِلطّائِفَتَيْنِ مِنْ ذِكْرِ الْعَدَدِ وَجَمْعِ الْمَعْدُودِ وَتَبَيّنَ أَنّهُ بَدَلٌ إذْ

<<  <  ج: ص:  >  >>