للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

النّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَسّسَ الْمَسَاجِدَ. وَعَبَدَ اللهَ آمِنًا كَمَا يُحِبّ، فَوَافَقَ رَأْيَهُمْ هَذَا ظَاهِرُ التّنْزِيلِ وَفَهِمْنَا الْآنَ بِفِعْلِهِمْ أَنّ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ {مِنْ أَوّلِ يَوْمٍ} أَنّ ذَلِكَ الْيَوْمَ هُوَ أَوّلُ أَيّامِ التّارِيخِ الّذِي يُؤَرّخُ بِهِ الْآنَ فَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذُوا هَذَا مِنْ الْآيَةِ فَهُوَ الظّنّ بِأَفْهَامِهِمْ فَهُمْ أَعْلَمُ النّاسِ بِكِتَابِ اللهِ وَتَأْوِيلِهِ وَأَفْهَمُهُمْ بِمَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ إشَارَاتٍ وَإِفْصَاحٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَنْ رَأْيٍ وَاجْتِهَادٍ فَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَكُونُوا وَأَشَارَ إلَى صِحّتِهِ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ إذْ لَا يُعْقَلُ قَوْلُ الْقَائِلِ فَعَلْته أَوّلَ يَوْمٍ إلّا بِإِضَافَةِ إلَى عَامٍ مَعْلُومٍ أَوْ شَهْرٍ مَعْلُومٍ أَوْ تَارِيخٍ مَعْلُومٍ وَلَيْسَ هَاهُنَا إضَافَةٌ فِي الْمَعْنَى إلّا إلَى هَذَا التّارِيخِ الْمَعْلُومِ لِعَدَمِ الْقَرَائِنِ الدّالّةِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ قَرِينَةِ لَفْظٍ أَوْ قَرِينَةِ حَالٍ فَتَدَبّرْهُ فَفِيهِ مُعْتَبَرٌ لِمَنْ اذّكّرَ وَعِلْمٌ لِمَنْ رَأَى بِعَيْنِ فُؤَادِهِ وَاسْتَبْصَرَ وَالْحَمْدُ لِلّهِ.

مِنْ وَدُخُولُهَا عَلَى الزّمَانِ:

وَلَيْسَ يَحْتَاجُ فِي قَوْلِهِ {مِنْ أَوّلِ يَوْمٍ} إلَى إضْمَارٍ كَمَا قَرّرَهُ بَعْضُ النّحَاةِ مِنْ تَأْسِيسِ أَوّلِ يَوْمٍ فِرَارًا مِنْ دُخُولِ مِنْ عَلَى الزّمَانِ وَلَوْ لَفَظَ بِالتّأْسِيسِ لَكَانَ مَعْنَاهُ مِنْ وَقْتِ تَأْسِيسِ أَوّلِ يَوْمٍ فَإِضْمَارُهُ لِلتّأْسِيسِ لَا يُفِيدُ شَيْئًا، وَمِنْ تَدْخُلُ عَلَى الزّمَانِ وَغَيْرِهِ فَفِي التّنْزِيلِ {مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الرّوم: ٤] وَالْقَبْلُ وَالْبَعْدُ زَمَانٌ وَفِي الْحَدِيثِ مَا مِنْ دَابّةٍ إلّا وَهِيَ مُصِيخَةٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ حِينِ تَطْلُعُ الشّمْسُ إلَى أَنْ تَغْرُبَ وَفِي شِعْرِ النّابِغَةِ [فِي وَصْفِ سُيُوفٍ] :

تُوُرّثْنَ مِنْ أَزْمَانِ يَوْمِ حَلِيمَةَ ... إلَى الْيَوْمِ قَدْ جَرّبْنَ كُلّ التّجَارِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>