للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فلمَّا اطمأنَّ به المجْلِسُ قال للشَّرِيفِ: "يا سيِّد (١) حالِلْني".

فقال: "مِمَّاذا يا مولاي (٢)؟ ".

فقال: "إِنَّك لمَّا جلستَ البارحةَ عند السُّلطانِ الظَّاهِرِ بَرْقُوق (٣) فوقي عزَّ ذلك عليَّ وقُلْتُ في نَفْسي: كيف يجلس هذا فوقي؟ ! ".

فلمَّا كان اللَّيل رأيتُ في منامي النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقال لي: "يا مَحْمُودُ! أَتَأْنَفُ (٤) أَنْ تَجْلِسَ تحت ولدي؟ ! ".

فبكى الشَّريفُ عند ذلك وقال: "يا مولانا! مَنْ أَنا حتَّى يَذْكُرُنِي النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-". وبكى الجماعة، ثُمَّ سألوهُ الدُّعاءَ وانْصَرَفوا.

• وحكى الجمال أبو محمَّدٍ عبدُ الغفَّار بن المعين أبي العباس أحمد بنِ عبدِ المجيدِ الأنْصَارِيُّ الخَزْرَجِيُّ الأقْصُرِيُّ القُوصِيُّ -عُرِفَ بابن نوح (٥) - في كتابه "المُنْتَقَى من كتاب الوحيد في سلوك أهل التَّوحيد والتَّصديق والإِيمان بأولياء الله في


(١) في (م)، و (هـ)، و (ك)، و (ل): يا سيِّدي.
(٢) كذا في الأصل، و (ل)، وفي بقيه النُّسخ: يا مولانا.
(٣) هو الملك الظاهر برقوق بن أنس الجركسي العثماني, منسوبًا إلى عثمان وهو أحد تجار الرقيق جلبه إلى مصر. وهو أول ملوك الشراكسة في مصر. انظر ترجمته وأخباره في: "الجوهر الثمين" (ص ٢٦١)، و"السلوك" (٦/ ٤٤١ - ٤٤٨)، و"إنْباء الغُمْر" (٤/ ٥٠ - ٥٤)، و"النجوم الزاهرة" (١٢/ ٣ - ١٣٠)، و"الضوء اللامع" (٣/ ١٠).
(٤) في (م): تأنف.
(٥) كان رجلًا صالحًا عابدًا متجرِّدًا متصوفًا! طلب العلم وسمع الحديث من الحافظيْن الدِّمياطيّ، والمحبّ الطَّبريّ، وصَحِبَ الشَّيخيْن: أبا العبَّاس المُلثَّم، وعبد العزيز المُنوفي من أجل الطريق!
ذكَرَ الشَّعرانيُّ أنه كان يجمع بين الحقيقة والشريعة! قال: ويُحكى أنه أكل مع ولده يقْطينًا، فقال لولده: إنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يحبُّ اليقطين. فقال: ما هذا إلَّا قذارة! فسلَّ السيفَ وضرب عنق ولده! له كتاب: "الوحيد في سلوك أهل التوحيد" في مجلدين -ضاهى به "رسالة القشيري" في سرد مَنْ اجتمع به منهم، أتى فيه بالعجائب والغرائبّ! وكان يقول الشعر الجيد. مات بالقاهرة سنة (٧٠٨ هـ)، "طبقات الشافعية الكبرى" (١٠/ ٨٧ - ٨٨)، و"الدُّرر الكامنة" (٢/ ٣٨٥ - ٣٨٦)، و"طبقات الشعراني" (٣/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>