للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال - صلى الله عليه وسلم -: "على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلَّا أن يؤمر بمعصية، فإن أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة" (١).

قال القرطبي: "هذا ظاهر في وجوب السمع والطاعة للأمراء، والقضاة، ولا خلاف فيه، إذا لم يأمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا تجوز طاعته في تلك المعصية قولًا واحدًا" (٢).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الطاعة في المعروف" (٣) يعني بالمعروف هنا: ما ليس بمنكر ولا معصية، فيدخل فيه الطاعات الواجبة والمندوب إليها، والأمور الجائزة شرعًا، فلو أمر بجائز لصارت طاعته فيه واجبة ولما حلَّت مخالفته (٤).

وبيَّن أن شرط الطاعة بالاستطاعة المقصود به: أن رفع الحرج إذا وقعت المخالفة غلطًا أو سهوًا، أو غلبة ليس تسويغًا للمخالفة فيما يشق ويثقل مما يأمر به الإمام إذ جاءت الأحاديث بالنص على الطاعة مع وجود الثقل والمشقة (٥).

فقيام كل من الحاكم والمحكوم بالحقوق التي عليه من أسباب صلاح المجتمع، وترك هذه الحقوق وتضييعها سبب للفساد والانحراف، ولذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم


(١) رواه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية ح ٧١٤٤ (١٣/ ١٣٠)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية ح ١٨٣٩ (١٢/ ٤٦٨).
(٢) المفهم (٤/ ٣٨).
(٣) سبق تخريجه ص (٣٧٥).
(٤) المفهم (٤/ ٤١).
(٥) المفهم (٤/ ٤٦).

<<  <   >  >>