للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (١). قال القرطبي: "أولوا الأمر في الآية هم الأُمراء، وهو أظهر من قول من قال: هم العلماء، قاله الحسن، ومالك، وله وجه وهو: أن الأمراء شرطهم أن يكونوا آمرين بما يقتضيه العلم، وكذلك كان أمراء النبي - صلى الله عليه وسلم - وحينئذ تجب طاعتهم، فلو أمروا بما لا يقتضيه العلم حرمت طاعتهم، فإذًا: الحكم للعلماء والأمراء لهم بالأصالة، غير أنهم لهم الفتيا من غير جبر، وللأمير الفتيا والجبر، وهذان القولان أشبه ما قيل في هذه الآية" (٢).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني" (٣).

قال القرطبي: "كل من أطاع أمير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد أطاع الرسول، ومن أطاع الرسول فقد أطاع الله، فينتج أن من أطاع أمير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد أطاع الله، وهو حق صحيح، وليس هذا الأمر خاصًّا بمن باشره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتولية الإمارة، بل هو عام في كل أمير للمسلمين عدل، ويلزم منه نقيض ذلك في المخالفة والمعصية" (٤).

فلا خلاف في وجوب طاعة أمراء المسلمين سواء كان المأمور به موافقًا لنشاط الإنسان وهواه أو مخالفًا له، بل حتى لو استأثر الأمراء بالأموال دون الناس وجبت طاعتهم (٥).


(١) سورة النساء، الآية: ٥٩.
(٢) المفهم (٤/ ٣٤).
(٣) رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يقاتل من وراء الإمام ويتقى به ح ٢٩٥٧ (٦/ ١٣٥)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء من غير معصية، وتحريمها في المعصية ح ١٨٣٥ (١٢/ ٤٦٥).
(٤) المفهم (٤/ ٣٦).
(٥) المفهم (٤/ ٣٦، ٣٧).

<<  <   >  >>