للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بذنب ولا تخرجه من الإسلام" (١).

وقد بوَّب البخاري في صحيحه بقوله: "باب المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلَّا بالشرك" (٢).

وقال أبو عثمان الصابوني (٣) مقررًا عقيدة السلف: "ويعتقد أهل السنة أن المؤمن وإن أذنب ذنوبًا كثيرة، صغائر وكبائر، فإنه لا يكفر بها، وإن خرج من الدنيا غير تائب منها ومات على التوحيد والإخلاص، فإن أمره إلى الله عز وجل، إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة ... وإن شاء عاقبه وعذبه مدة بعذاب النار وإذا عذبه لم يخلد فيها" (٤).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيانه لمذهب أهل السنة: "وهم مع ذلك لا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر ... ولا يسلبون الفاسق الملي اسم الإيمان بالكلية ولا يخلدونه في النار ... ويقولون هو مؤمن ناقص الإيمان أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته" (٥).

وقد نهج القرطبي منهج أهل السنة في هذه المسألة فقرر ما ذهبوا إليه من عدم تكفير مرتكب الكبيرة فعند شرحه لحديث: "من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة" (٦). قال: "من المعلوم من الشرع المجمع عليه من أهل السنة أن من مات على ذلك فلابد له من دخول الجنة، وإن


(١) السنة للإمام أحمد ص (٧٢).
(٢) صحيح البخاري، كتاب الإيمان فتح الباري (١/ ١٠٦).
(٣) إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الصابوني، إمام في الحديث، متبع للسنة، واعظ مفسر، من العلماء العبَّاد الزُّهَّاد، توفي سنة (٤٤٧ هـ). طبقات المفسرين للأدنة وي ص (١١٨)، تاريخ دمشق (٩/ ٣).
(٤) عقيدة السلف وأصحاب الحديث ص (٢٧٦).
(٥) العقيدة الواسطية ضمن الفتاوى (٣/ ١٥١).
(٦) رواه مسلم في كتاب الإيمان باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ح (٩٣، ٢/ ٤٥٣).

<<  <   >  >>