للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا بأس عندنا أن يتيمم الرجل، ويقرأ حزبه من القرآن (١). وقد زعم العراقي: أنه إن وجد الماء وهو في الصلاة بطل تيممه (٢). وهذا مخالف لما أصلوه؛ لأن التيمم إنما أبيح للدخول في الصلاة، فإذا دخل فيها فليس يخرج من فرضه، أو كان فرض الوضوء قد مضى حكمه، إلا بحدث ينقض الوضوء (٣)، والله أعلم.

قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (٤).

الرواية في هذه الآية كثيرة، وأنها توجب الغفران لكل من لم يشرك، وأن الله تبارك وتعالى يغفر الكبائر مع الصغائر لمن يشاء، ويعذب من يشاء في الدنيا والآخرة، فضله يؤتيه من يشاء. ولا أعلم اختلافاً بين أهل العلم في ذلك، إلا من قال بالوعيد، وليس هم من أهل العلم بحمد الله، فإنهم زعموا: أن الله لا يغفر الكبائر إلا للتائب. ولو كان كما قالوا لخلت الآية من الفائدة؛ لأن الشرك أيضاً مغفور للتائب قبل أن يغرغر، فلا فائدة في قوله سبحانه وتعالى - ونعوذ بالله من أن نقول ذلك -: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (٥)؛


(١) المدونة: ١/ ١١٩.
(٢) الجحة: ١/ ٥٣، أحكام القرآن للجصاص: ٢/ ٥٣٩، وهذا هو المشهور من مذهب أحمد. المغني: ١/ ٣٤٧، وذهب مالك والشافعي إلى أنه يتم صلاته. الإشراف للقاضي عبد الوهاب: ١/ ١٦٤، روضة الطالبين: ١/ ١١٥.
(٣) لم ينقض أبو حنيفة أصله لأنه يقول كما في المسألة قبل هذه: أنه يصلي ما شاء من الصلوات بتيمم واحد ... ما لم يحدث أو يجد الماء. وهذا قد وجد الماء فبطل تيممه، فبطلت صلاته.
(٤) [سورة النساء: الآية ٤٨]
(٥) [سورة النساء: الآية ٤٨]

* لوحة: ١٠١/ب.

<<  <   >  >>