للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي هذه الآية ذكر ما فوق الاثنتين من البنات، ولم يذكر الاثنتان، فكان في قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (١) دليل على أنه إذا كان ذكر وأنثى أن للذكر الثلثين والأنثى الثلث، فإذا وجب لها مع الذكر الثلث كان الثلث لها مع الأنثى آكد، فاحتيج والله أعلم إلى ذكر ما فوق الاثنتين (٢)، ومع ذلك فاللغة توجب حكم الاثنتين وفوق الاثنتين بمعنى واحد، فيجوز أن يراد اثنتين فما فوقهما، قال الله عز وجل: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} (٣) وإنما تضرب الأعناق (٤).


(١) [سورة النساء: الآية ١١]
(٢) هذا الاحتجاج نقله ابن عطية في تفسيره: ٤/ ٣٥ عن القاضي إسماعيل بن إسحاق.
(٣) [سورة الأنفال: الآية ١٢]
(٤) ما ذكر من أن (فوق) زائدة غير مسلم به، قال ابن عطية: ومن قال: فوق زائدة، واحتج بقوله تعالى: {فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} هو الفصيح، وليست فوق زائدة، بل هي محكمة المعنى؛ لأن ضربة العنق إنما يجب أن تكون فوق العظام في المفصل دون الدماغ. [المحرر الوجيز: ٤/ ٣٤].

وقال ابن كثير: قال بعض الناس قوله (فوق) زائدة، وتقديره: فإن كن نساء اثنتين، كما في قوله: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} وهذا غير مسلم لا هنا ولا هناك، فإنه ليس في القرآن شيء زائد لا فائدة فيه، وهذا ممتنع، ثم قوله: {فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} لو كان المراد ما قالوه لقال: (فلهما ثلثا ما ترك)، وإنما استفيد كون الثلثين للبنتين من حكم الأختين في الآية الأخيرة فإنه تعالى حكم فيها للأختين بالثلثين، وإذا ورث الأختان الثلثين فلأن يرث البنتان الثلثين بالطريق الأولى، وقد تقدم في حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم لابنتي سعد بن الربيع بالثلثين فدل الكتاب والسنة على ذلك، وأيضاً فإنه قال: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} فلو كان للبنتين النصف لنص عليه أيضاً فلما حكم به للواحدة على إنفرادها دل على أن البنتين في حكم الثلاث، والله أعلم.
[تفسير القرآن العظيم: ١/ ٤٥٨].

<<  <   >  >>