للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حشيشه مما ليس مملوكاً لأحد، ولم يستنبته الناس، فقد صار لزاماً عليّ أن أتعرَّض للثاني وهو إتلاف النبات بهذا الوصف:

الحق أن الشافعية والحنبلية في الأصح من مذهبهم قالوا بوجوب الضمان من النعم في إتلاف شيء منه وفق ما يلي: قالوا: في الشجرة الكبيرة بقرة، وفي الصغيرة شاة، أما الحشيش الرطب فضمانه بالقيمة إن لم يُخلف، فإن أخلف فلا ضمان (١).

المسألة الأخيرة في هذا البيان هي فيما لو أصاب المحرم الصيد بضرر ولم يقتله، حينئذ وجب عليه الجزاء بما يتناسب مع الإصابة.

فإن كان الصيد مثلياً وجب عليه بمقدار النقص من مثله من النعم، لا بمقدار النقص من قيمة النعم.

مثال توضيحي: لو جرح ظبياً، واندمل جرحه بلا إزمان (٢)، فنقص عشر قيمته فعليه عشر شاة لا عشر قيمتها تحقيقاً للماثلة.

أما إن لم يكن الصيد مثلياً فيضمن القيمة بمقدار ما نقص من الصيد بسبب الضرر النازل به.


(١) عند الحنفية مطلقاً يضمن القاطع القيمة، فقالوا: لا مدخل للصوم في هذا الجزاء أيضاً؛ لأنه ضمان متلف.
وعند مالك: يأثم المعتدي على الشجر والحشيش الرطب بلا ضمان، بل يستغفر الله تعالى؛ لأنّ الضمان قدر زائد على التحريم يحتاج لدليل. أما الشافعية فمذهبهم الضمان كما أشرت إليه، والمضمون هنا على التخيير والتعديل كما في الصيد. والدليل ما نقله العلامة الشربيني عمّا رواه الإمام الشافعي عن الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير من أنّ الشجرة الحرميّة الكبيرة فيها بقرة. قال الشربيني بعد أن ساق هذا: ومثله لا يقال إلّا بتوقيف. كما روى الشافعي في الشجرة الصغيرة شاة. انظر نفس المرجع والفقرة للدكتور نور الدين عتر صـ ١٤٨ ومغني المحتاج للعلامة محمد الخطيب الشربيني جـ ١ صـ ٥٢٧.
(٢) بلا عاهة، وهو ما يطلق عليه أيضاً الزَّمانة ..

<<  <   >  >>