للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من كرم الرجل طيب زاده في سفره. وكان يقول: أفضل الحجاج أخلصهم نية وأزكاهم نفقة وأحسنهم يقيناً. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الحج المبرور ليس له جزاء إلّا الجنة فقيل له يا رسول الله: ما بر الحج؟ فقال: طيبُ الكلام وإطعام الطعام (١) " (٢).

الفئة الرابعة هي أخطر الأصناف الأربعة على الإطلاق، فأتباعها هم النخبة من العلماء والفقهاء والمفتين وطلاب العلم وعموم الدعاة إلى الله - عز وجل - من واعظين وخطباء ومنشدين وقرّاء، فهؤلاء إذا خرجوا رياء وسمعة وابتغاء صرف وجوه الناس إلى مقاماتهم الرفيعة دون إخلاص القصد لله - عز وجل - فقد وقعوا في الضلال المبين! وصاروا قدوة فاسدة لسائر الأصناف الثلاثة من المسلمين، فإن ضلّوا فضلال الناس بهم أولى وإثمهم عند مولاهم - عز وجل - مضاعفٌ؛ لأنهم خير من ينبغي أن يعرف الله - عز وجل - ويدلَّ الخلق عليه، وإلَّا فكما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم: "أشدُّ الناس عذاباً يوم القيامة عالمٌ لم ينفعه الله بعلمه" (٣) ولخطورة هذه الغفلة استعاذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من علمٍ يمتطيه صاحبه لدنيا فانية مدبرة تضيع بها آخرة باقية مقبلة، وذلك في قوله: "نعوذ بالله من علمٍ لا ينفع" (٤).

ورحم الله إمامنا الغزالي الذي صرَّح باستفحال هذا الداء الخطير في مقدمته على كتاب الإحياء حين قال: "ولعمري إنه لا سبب لإصرارك على التكبر إلّا الداء الذي عم


(١) أخرجه أحمد من حديث جابر بإسناد لين ورواه الحاكم مختصراً وقال صحيح الإسناد وعند محققي الموسوعة الحديثية على مسند الإمام أحمد برقم (١٤٤٨٢) جاء: إسناده ضعيف من أجل محمد بن ثابت، ثم جاء بعد كلام طويل: "ويشهد للحديث دون زيادة إطعام الطعام إلخ" حديث أبي هريرة السالف برقم (٧٣٥٤) وهو صحيح.
(٢) إحياء علوم الدين للغزالي ج ١، ص ٢٦٣ - ٢٦٤ باب بيان دقائق الآداب.
(٣) جاء في كشف الخفاء للمحدث المفسر الشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني الجراحي برقم (٣٧٦): "رواه الطبراني وابن عدي وابن ماجة عن أبي هريرة".
(٤) أخرجه ابن ماجه من حديث جابر بإسناد حسن.

<<  <   >  >>