للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مالكٍ -ورفَعَ الحديثَ- أنه قال: (إِنَّ اللهَ -عز وجل- قَدْ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، نُطْفَةٌ؛ أَيْ رَبِّ، عَلَقَةٌ، أَيْ رَبِّ، مُضْغَةٌ؛ فَإِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقًا، قَال: قَالَ المَلَكُ: أَيْ رَبِّ، ذَكَرٌ أَو أُنْثى؟ شَقِيٌّ أَو سَعِيدٌ؟ فَمَا الرَّزْقُ؟ فَمَا الأَجَلُ؟ فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ في بَطْنِ أُمِّهِ) (١).

ثُمَّ يُنفَخُ فيه الرُّوحُ؛ كما جاء في حديثِ ابنِ مسعودٍ في "الصحيحَيْن" (٢).

والملَكُ الموكَّلُ بالرُّوحِ عند نَفْخِها، غيرُ المَلَكِ الموكَّلِ بالرُّوحِ عند قَبْضِها.

ثُمَّ إنَّ المَلَكَ الموكَّلَ مِن اللهِ بالتخليقِ وبنَفْخِ الرُّوحِ واحدٌ، ليس معه أحَدٌ؛ في ظاهِرِ النصوصِ.

وأمَّا ملَكُ قبضِ الرُّوحِ، فواحدٌ مقدَّمٌ، ومعَهُ غيرُه:

أمَّا كونُهُ واحدًا مقدَّمًا، ففي قوله تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} [السجدة: ١١].

وأمَّا كونُهُ معَهُ غيرُهُ، ففي قولِهِ تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [محمد: ٢٧]، وقولِهِ تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام: ٦١].

وملَكُ الموتِ المقدَّمُ يَقبِضُ، والبقيَّةُ يُعِينُونَ في قبضِ الروح، وتجهيزِها، ورفعِها؛ كما في حديثِ البَرَاءِ في "المسنَد"؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ،


(١) البخاري (٣١٨)، ومسلم (٢٦٤٦).
(٢) البخاري (٣٢٠٨)، ومسلم (٢٦٤٣).

<<  <   >  >>