للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يَختلِفُ السلفُ أهلُ السُّنَّةِ في ذلكِ؛ كما قاله ابنُ عبد البَرِّ، وغيرُه (١)، وقد كان ابنُ عبَّاس يسمِّي القدَرَ: "نظامَ التوحيدِ" (٢).

وفطرةُ الإنسانِ قاطعةٌ بالإيمانِ بالقدَرِ؛ لأنَّ مِن كمالِ الخالقِ كمالَ عِلْمِه، ومَن كَمُلَ علمُهُ، كَمُلَ تقديرُهُ وتدبيرُهُ لِمَا خلَقَ، وقد كانت العرَبُ حتى في الجاهليَّةِ تُؤمِنُ بالقدَرِ، ولا تكذِّبُهُ؛ وقد قال عَمْرُو بن كُلْثُومٍ:

وَأَنَّا سَوْفَ تُدْرِكُنَا المَنَايَا ... مُقَدَّرَةً لَنَا وَمُقَدَّرِينَا (٣)

ويقولُ لَبِيدُ بن رَبِيعةَ:

............................ ... إِنَّ المَنَايَا لَا تَطِيشُ سِهَامُهَا (٤)

ويقولُ عَنْتَرةُ:

يَا عَبْلَ أَيْنَ مِنَ المَنِيَّةِ مَهْرَبِي ... إِنْ كَانَ رَبِّي فِي السَّمَاءِ قَضَاهَا (٥)

ويقول هانئُ بن مسعودٍ الشَّيْبانيُّ لما خطَبَ في الجاهليَّةِ في يومِ ذي قارٍ: "إِنَّ الحَذَرْ، لَا يُنْجِي مِن القَدَرْ" (٦).

ويُروَى فيه حديثٌ مرفوعٌ: (لا يُغنِي حَذَرٌ مِن قَدَرٍ) (٧)؛ وهذا نظيرُ ما جاء عن ابن عبَّاس: "إذا جاءَ القَدَرْ، حالَ دُونَ البَصَرْ" (٨).


(١) "الاستذكار" (١٨/ ٢١٠ و ٢٦/ ٩٥)، و"شرح النووي" (١/ ١٥٥ و ١٦/ ١٩٥ - ١٩٦)، و"فتح الباري" (١١/ ٤٧٨).
(٢) "القدر" للفريابي (٢٠٥)، و"شرح أصول الاعتقاد" (١٢٢٤).
(٣) "شرح القصائد المشهورات" (٢/ ٦١٧)، و"شرح المعلقات السبع" للزوزني (ص ٢١٦)، و"شرح القصائد العشر" للتبريزي (ص ٢١٩).
(٤) "ديوان لبيد" (ص ١٧١/ دار صادر).
(٥) "ديوان عنترة" (ص ٩٢).
(٦) "أمالي القالي" (١/ ١٦٩).
(٧) "الدعاء" للطبراني (٣٣)، و"المستدرك" للحاكم (١/ ٤٩٢) من حديث عائشة.
(٨) ابن أبي شيبة (٣٢٥١٣)، والحاكم (٢/ ٤٠٥).

<<  <   >  >>