الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: الإشارةُ إلى أنَّ ما خالف هَدْيَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ فليس صراطًا مستقيمًا، تُؤْخَذُ من مَفْهُومِ قَوْلِه:{إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} يعني: ما سوى ما أنت عليه فليس صراطًا مستقيمًا.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: تعظيمُ شَأْنِ دينِ اللهِ الَّذي يدعو إليه الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ؛ لقولِهِ:{صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}[الشُّورَى: ٥٣].
فإن قال قائلٌ: كيف نَجْمَعُ بَيْنَ هذه الآيةِ وبَيْنَ قولِهِ تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحةِ: ٦ - ٧] وهنا يقولُ: {صِرَاطِ اللَّهِ}؟
فالجوابُ: أنَّه يُضافُ إلى اللهِ باعتبارٍ، ويُضافُ إلى الَّذين أَنْعَمَ اللهُ عليهم باعتبارٍ آخَرَ، فإضافتُهُ إلى اللهِ باعتبارِ أنَّه وَضَعَه وأنَّه يُوَصِّلُ إليه، وباعتبارِ إضافتِهِ إلى الذين أنعَمَ علَيهم أنَّهم سالِكُوه المؤمِنون به. اللهمَّ اجْعَلْنَا منهم.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: عمومُ مُلْكِ اللهِ واختصاصِه بهذا المُلْكِ، العمومُ من قولِهِ:{مَا} فإنَّ (ما) اسمٌ موصولٌ يدلُّ على العمومِ واختصاصِه به من تقديمِ الخبرِ على المبتدأِ.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: الإشارةُ إلى أنَّ اللهَ تعالى يَحْكُمُ ما يشاءُ وأنَّه لا اعتراضَ على حُكْمِه؛ لقولِهِ:{الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} فأتى بعمومِ المُلْكِ بعد ذِكْرِ الصِّراطِ المستقيمِ إشارةً إلى أنَّ ما حَكَمَ به تَبَارَكَ وَتَعَالَى لا اعتراضَ عليه فيه؛ لأنَّ اللهَ له مُلْكُ السَّمواتِ والأرضِ يَخْلُقُ ما يشاءُ ويُشَرِّعُ ما يشاءُ؛ ولهذا تَجِدُ بعضَ أهلِ العِلْمِ رَحِمَهُم اللهُ إذا لم يهتدوا إلى عِلَّةِ الحُكْمِ قالوا: هذا تَعَبُّدِيٌّ؛ يعني: علينا أن نَتَعَبَّدَ به وإن لم نَعْلَمِ الحِكْمةَ.